كتبت\هبه عبدالله
أبرزت دراسة حديثة للمركز المصر للفكر و الدراسات الاستراتيجية ،جهود الدولة المصرية و التي تسير بخطوات جادة وسريعة نحو التحول إلى الطاقة النظيفة، والمساعي المصرية نحو تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية، و ما فيها من عوائد اقتصادية وبيئية واجتماعية وسياحية ،وتكاتف جهود 4 وزارات، وهي البيئة والإنتاج الحربي والتنمية المحلية والكهرباء،لتحويل المخلفات التي كانت تُشكل مشكلة بالشارع المصري، إلى مصدر مهم للطاقة الكهربائية، .
حيث أشارت الدراسة في البداية الى ان أزمة الطاقة العالمية وزيادة أسعارها على دول العالم اوجبت ضرورة دراسة وتناول الأساليب الحديثة للحصول على الطاقة المتجددة والنظيفة، بالإضافة إلى حجم ومستويات الانبعاثات الكربونية، حيث زادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الفحم بنسبة حوالي 1.7% في عام 2023، وذلك مع تحول العديد من الدول إلى الوقود الأكثر تلويثًا بعد الحرب الروسية الأوكرانية وأدى انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا إلى ارتفاع أسعار الغاز على نحو قياسي.
و أضافت الدراسة أنه على الرغم من أن نصيب مصر من حجم الانبعاثات الكلي لا يتعدى سوى 0.6%، فإن الدولة المصرية تسير بخطوات جادة وسريعة نحو التحول إلى الطاقة النظيفة،حيث توجد العديد من التصنيفات المختلفة للمخلفات، ولكن تُصنف المخلفات إلى مخلفات صلبة غير خطرة وفقًا لمصدر المخلفات إلى مخلفات البناء والهدم، والمخلفات الصناعية والتجارية، والمخلفات البلدية، والزراعية، وأيضًا المخلفات الخطرة وهي مخلفات لها سمات تجعلها خطرة أو من المحتمل أن تكون مضرّة بصحة الإنسان أو البيئة.
يزدهر في العالم حاليًا قطاع حيوي يثبت ربحيته، وهو تحويل المخلفات إلى طاقة بواسطة تكنولوجيات تولد منها كهرباء أو حرارة أو وقودًا حيويًا أو وقودًا اصطناعيًا. هذا التحويل لا يعني بالضرورة الحرق فقط؛ لأن عملية اختيار التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير على خليط تلك المخلفات ،وعليه يمكن القول، إن عملية تحويل المخلفات إلى كهرباء تُمثل توجهًا عالميًا يجمع بين تلبية الاحتياجات للطاقة النظيفة والتخلص الأمثل من المخلفات، وهو ما يدفع نحو تطبيق مفهوم التنمية المستدامة، وذلك بسبب تزايد الطلب على الكهرباء المصحوب بالتزايد التصاعدي للكتلة السكانية للمدن، والتوجه العالمي الذي يهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية بهدف مكافحة التغير المناخي
ووضحت الدراسة المنافع المختلفه للتحول للطاقة النظيفه مثل المنافع اقتصادية،حيث تحتاج المخلفات بشكل عام إلى أراضٍ كبيرة، وتجهيز مكبات المخلفات مكلف للغاية، حيث تصل تكاليف تحضير مكبات المخلفات الكبيرة إلى أكثر من حوالي 500 مليون دولار،كما أن شحن المخلفات برًا وبحرًا إلى مناطق أو دول بعيدة للتخلص منها مكلف أيضًا، فإذا تم مقارنة هذه التكاليف بتكاليف بناء محطة لحرق المخلفات وتوليد الطاقة منها، نجد أن هناك وفورات كبيرة، بالإضافة إلى العوائد المتوقعة من عمليات بيع الكهرباء، وفي حالة الدول المنتجة للنفط الخام والغاز الطبيعي، فإن استخدام المخلفات في عمليات توليد الكهرباء يعني توفير كميات كبيرة من النفط الخام والغاز الطبيعي للتصدير دون أي تكاليف إضافية، أو استخدامها في مجالات تدر قيمة مضافة أكبر مما لو تم حرق النفط والغاز لتوليد الكهرباء.
و فيما يتعلق بالمنافع البيئية، يولد حرق المخلفات غاز ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى، إلا أنه لو نظرنا إلى صافي الغازات المنبعثة من البداية للنهاية لوجدنا أن مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة صديقة للبيئة. على سبيل المثال من أهم الغازات المنبعثة من النفايات غاز الميثان، والذي يُعد أخطر من غاز ثاني أكسيد الكربون.
وبالنسبة منافع سياحية، بالنظر إلى محطة مياشيما في أوسكا في اليابان، نجد أن المحطة تحولت إلى قطعة فنية ومعلم سياحي يزوره السائحون من كافة أنحاء العالم، وهو الأمر الذي نشط المنطقة التي تقع بها المحطة اقتصاديًا، على الرغم من أنها في الأصل أبعد ما تكون عن كونها مدينة سياحية.
وأظهرت الدراسة الجهود المصرية في تلك الصناعة الاستراتيجية ،حيث لم تُعد الأطنان الضخمة من النفايات والمخلفات تُمثل مشكلة في مصر بل أصبحت ذات قيمة اقتصادية مضافة، وذلك عن طريق إدارة شاملة لملف النفايات، من هنا تجدر الإشارة إلى أن أكبر مصدر للمخلفات الصلبة في مصر منذ أكثر من حوالي 30 عامًا، وهي المخلفات البلدية أو القمامة المتولدة من القطاع السكني والقطاع التجاري والمحال التجارية وكافة الأنشطة الإنسانية. حيث بلغ حجم المتولد طبقًا لآخر حصر فعلي ما لا يقل عن حوالي 26 مليون طن سنويًا من المخلفات الصلبة البلدية، وأن ما يتم تدويره كان لا يتعدى نسبة حوالي 20%، حيث إن مخلفات البلدية الصلبة هي في الأساس النفايات المجمعة من البلديات متمثلة في نفايات سكنية، تجارية، قمامة من الشوارع، محتويات حاويات النفايات وتنظيف الأسواق.
ويُعد تحويل النفايات إلى طاقة مشروعًا طموحًا تكاتفت فيه جهود 4 وزارات، وهي البيئة والإنتاج الحربي والتنمية المحلية والكهرباء، بهدف تحويل المخلفات التي كانت تُشكل مشكلة مزمنة بالشارع المصري لعصور طويلة، إلى مصدر مهم للطاقة الكهربائية، وذلك تماشيًا مع التوجه المصري للعمل على إيجاد بدائل لدعم منظومة الطاقة المصرية ببدائل متجددة أخرى نظيفة لا تضر بالبيئة وحياة الإنسان ،لذلك تُمثل مشروعات إدارة النفايات في مصر جزءًا كبيرًا من الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على البيئة بالإضافة إلى تعظيم الموارد المتاحة.
وأمام ما تقدم، تسعى الدولة المصرية إلى جذب العديد من الاستثمارات في تلك الصناعة الاستراتيجية، حيث إنها تستهدف جذب استثمارات أكثر من حوالي مليار دولار في مجال تدوير المخلفات لإنتاج الكهرباء واستثمارات مباشرة تتراوح من حوالي 17 إلى 20 مليار جنيه مطروحة أمام القطاع الخاص، للدخول وتقديم هذه الخدمة وتحقيق عائدات على استثماراته.
و أستطردت الدراسة ان قانون المخلفات يتيح فرصًا عديدة للاستثمار في المخلفات، أولها الجمع والنقل، بالإضافة إلى عمليات التدوير لإنتاج الوقود والسماد، التي تحتاج إلى تكاليف لإنشاء المصانع من خلال القطاع الخاص، وكذلك المعالجات الحرارية لتحويل المخلفات للكهرباء، والتي تم إصدار تعريفة التغذية الكهربائية لها بقيمة 1.40 قرش/ وات ساعة.
في بداية مارس من عام 2022، صدرت اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المخلفات الجديد، وذلك من أجل وضع شروط وضوابط تنظم عملية جمع، نقل، وتدوير المخلفات، نظرًا للطفرة التي شهدها مجال إدارة المخلفات، حيث أصبح محل استثمار، ومن الأمور التي نظمتها اللائحة التنفيذية للقانون هي إدارة المخلفات في المجتمعات العمرانية الجديدة.
تطبق مصر النموذج الألماني لتحويل مخلفات الطاقة، الذي يعتمد على حرق حوالي 400 ألف طن سنويًا بمعدل حوالي 1200 طن يوميًا من المخلفات وتخدم حوالي 1.6 مليون مواطن، بقوة عاملة تقدر بحوالي 440 عاملًا و100 سيارة تعمل في جمع المخلفات ونظافة الشوارع، وتحقق دخلًا لألمانيا يبلغ حوالي 90 مليون يورو سنويًا، حيث يعتمد توليد الطاقة من المخلفات على أحدث تكنولوجيا لتوليد الطاقة من المخلفات، وذلك مع تطبيق نظام رصد ومراقبة ومعالجة الانبعاثات الناتجة من حرقها، وذلك بهدف توافقها مع المعايير الألمانية في تلوث الهواء الناتج من انبعاثات المحارق ومنشآت توليد الكهرباء.
يتبنى المشروع إمداد الأوتوبيسات والمركبات بالطاقة الكهربائية المشتقة من معالجة المخلفات، بالتعاون مع الجانب الياباني.
تقدر التكلفة الاستثمارية لإنشاء محطات توليد الكهرباء من المخلفات طبقًا للتجربة الألمانية حوالي 500 مليون يورو، إضافة لتكلفة التشغيل سيتم توفيرها من خلال حصيلة بيع الكهرباء والطاقة الحرارية، فضلًا عن رسوم الجمع المنزلي، ورسوم نظافة الشوارع.
تحويل المخلفات لطاقة بعدة صور، بينها مصانع تدوير المخلفات وتحويلها إلى سماد عضوي ووقود بديل، من خلال حرقها في محارق خاصة دون الحاجة لفصلها قبل الحرق.
تسعى الدولة للتوسع في إعادة تدوير المخلفات الزراعية على مستوى الجمهورية، وإنشاء مصانع للاستفادة من المخلفات الزراعية، الناتجة عن المساحات المنزرعة الكبيرة لقش الأرز، وتحويلها لطاقة.
وضعت وزارة البيئة استراتيجية لإدارة المخلفات الزراعية، وجرى الانتهاء منها، إذ أصبح يتوفر لدى الوزارة البيانات الخاصة بمصانع المخلفات لإنتاج الوقود البديل.
فتم افتتاح أول محطة لتحويل المخلفات إلى طاقة متجددة، كأول نموذج حقيقي لتحويل المخلفات لطاقة كهربية وسماد عضوي، ويُعد المشروع الأول من نوعه في مصر، حيث إن هذه التقنية ذات انبعاثات صفرية، وهو مشروع إرشادي بسعة حوالي 2.5 طن في اليوم وقدرة إنتاجية حوالي 100 كيلووات ساعة من الطاقة الكهربائية.
وتستهدف الحكومة المصرية إقامة حوالي 56 مصنعًا متخصصًا في إعادة تدوير المخلفات بكافة أنواعها، حيث يعمل من هذا العدد حاليًا 28 مصنعًا، وذلك من أجل التخلص الآمن من هذه المخلفات والتي يصل حجم إنتاجها السنوي إلى نحو حوالي 90 مليون طن، منها حوالي 26 مليون طن مخلفات صلبة (قمامة) أي ما يقرب من ثلث إنتاج مصر من المخلفات، وما يتم تدويره فقط حوالي 20% من الكميات المتولدة.
التوقيع على مذكرة تفاهم بين محافظة الفيوم وشركة إنيرجي الدولية لتحويل المخلفات إلى ديزل حيوي، وجرافين بمنطقة كوم أوشيم بالفيوم للحصول على طاقة نظيفة من خلال إنتاج الديزل والجرافين والأسمدة العضوية من النفايات الصلبة، سواء البلدية أو الزراعية؛ مما يقضي على انبعاثات الكربون.
ويأتي مشروع تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية بمنطقة “أبو رواش” تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بشأن ضرورة رفع كفاءة منظومة المخلفات البلدية والتغلب على مشاكل تراكم المخلفات والتخلص الآمن منها واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة من خلال منظومة جديدة للإدارة المتكاملة للمخلفات؛ حيث سيتم البدء بإقامة محطة في “أبو رواش” بمحافظة الجيزة على مساحة تتراوح من حوالي 10-12 فدانًا، حيث يهدف المشروع إلى معالجة حوالي 1200 طن / يوم مخلفات صلبة بلدية إلى حوالي 30 ميجاوات / ساعة.