أخبار عاجلة

د / عبد الستار الجميلي الامين العام للحزب الطليعي الاشتراكي الناصري فى العراق فى حوار خاص للخبر اليوم المصرية

–         الاحراج الذي شعر بة امريكا بعد تدخل روسيا الايجابي فى سوريا وامكانيات الجيش العراقي كانت السبب الرئيسي فى تحرير الفلوجة
–         وجود قاسم سليماني ضمن القوات العراقية التى حررت الفلوجة دعاية اعلامية من داعش وايران لتعطيل معركة تحرير الفلوجة
 
شهدت الايام الماضية بداية النهاية لتنظيم داعش في العراق بعد نجاح القوات العراقية فى تحرير منطقة الفلوجة فى الوقت الذي بدات فيها تقدمها لتحرير اقليم الموصل وفى ظل تلك التطورات ادلي د / عبد الستار الجميلي الامين العام للحزب الطليعي الاشتراكي الناصري فى العراق بحوار خاص تناول فية وجهة نظرة ازاء التطورات الراهنة :-
  
1-   ما هي رؤيتكم لاسباب نجاح القوات العراقية فى هذا التوقيت بدخول الفلوجة ؟
   ج ـــ الواقع أنّ هناك أربعة أسباب رئيسة لنجاح القوات العراقية في تحرير مدينة الفلوجة، الأول/ يتعلق بالاحراج الذي شعرت به أمريكا أمام التدخل الروسي النوعي الايجابي في سورية الذي غيّر موازين القوى لصالح الجيش العربي السوري في مواجهة داعش وغيرها من الجماعات الارهابية ، وبالتالي سرّعت أمريكا من وتيرة عمليات تحرير الأراضي العراقية المحتلة من داعش خوفا من توجه العراق لطلب التدخل الروسي وبالتالي تغير موازين القوى الاقليمية لصالح روسيا ، القطب الدولي الذي بدأ يفرض نفسه ندّا مرحبا به من قبل العالم الثالث في مواجهة أمريكا والغرب بشكل عام .. والسبب الثاني / يتعلق بامكانيات الجيش العراقي في حسم المعركة لوحده في وقت قياسي إذا ما ترك له زمام المبادرة بدون أيّ تدخل من قوى دولية وإقليمية ومحلية تحت عناوين مدربين ومستشارين وقوى رديفة أو مساندة.. والسبب الثالث/ يتعلق بهزيمة داعش ميدانيا في العراق وسورية وليبيا ، وتراجعها سياسيا بعد إستنفاذ دورها من قبل داعميها الدوليين والاقليميين خصوصا أمريكا وبعض الدول والقوى الاقليمية والمحلية ، والبحث عن ورقة ومسميات جديدة ترث داعش دورا وهدفا.. والسبب الرابع وهو الأهم/ يتعلّق بأبناء الفلوجة أنفسهم الذين تفاعلوا إيجابيا مع القوات القادمة لتحريرهم بعد سنوات من العبث بحياتهم ومقدراتهم من قبل إرهابيي داعش ، وبالتالي هم أول من إنتفض على داعش وجرّدها من أية بيئة حاضنة ، ما مهّد الأرضية لعملية التحرير التي جرت بوقت قياسي وطريقة سلسلة وبأقل قدر من الضحايا .
2-   وما هي صحة التقارير عن خروقات قام بها الحشد الشعبي الموالي لايران وضد اهالي فالوجة من السنة ؟
     ج ـــ أولا ،أنا لدي تحفظ على إستخدام أيّة عناوين طائفية لتوصيف العراقيين ومناطقهم، فسكان  الفلوجة هم مواطنون عراقيون وعرب ومسلمون وهذا هو توصيفهم الحقيقي وهويتهم الوطنية والقومية والروحية.. وليس لأي توصيف طائفي جذر ديني أو معرفي أو إجتماعي ما يمتّ بصلة من أيّ نوع بالاسلام، شريعة وعقيدة، وبالعروبة ، هوية وإنتماء.. وما يتعلق بالتقارير التي تحدثت عن خروقات قامت بها جهات معينة سواء داخل الحشد أو من خارجه، فمن جهة هناك ما يؤكد حدوث هذه الخروقات بدوافع فردية وطائفية من بعض المفردات الموجهة من إيران وتركيا وغيرهما من الجهات التي تستغل دائما أي حدث أو مناسبة جماعية للاختراق وإحداث فوضى وإضطراب وشك ، وقد إعترفت الحكومة ومعها الحشد الشعبي بحدوث هذه الخروقات ووعدا باجراء تحقيق رسمي وكشف الحقائق ومعاقبة المجرمين وإنصاف الضحايا..ومن جهة أخرى هناك أطراف أضارها تحرير الفلوجة والرمادي وهزيمة داعش التي كانت تعول عليه لتقسيم العراق، فراحت تشتغل على هذه الخروقات بل أنّ بعضها قام ببعض هذه الخروقات الى جانب داعش وأحالها الى الحشد الشعبي لاحداث مزيد من الشحن الطائفي والتقسيمي، وهو ما حدث في معركة الرمادي إذ تبادلت القوى المحلية الاتهامات المتبادلة بتفخيخ البيوت بعد تحرير المدينة ونسبتها الى داعش أو الحشد الشعبي لأهداف مريبة.
3-   وبماذا تفسرون مشاركة قاسم سليماني ضمن القيادة العراقية التى قامت بعملية الاقتحام ؟
    ج ـــ الواقع أن قاسم سليماني لم يكن ضمن القوات التي قامت بتحرير مدينة الفلوجة بل كان دوره الذي أعلن عنه مجرد دعاية إعلامية لصالح داعش وايران أريد بها تعطيل معركة تحرير الفلوجة ، وهي لعبة لم تنطل على الشعب العراقي وأبناء الفلوجة الذين تفاعلوا إيجابيا مع القوات القادمة لتحريرهم كما قلنا سابقا.. وفي كلّ الأحوال  فالعراق ليس بحاجة لسليماني أو غيره الذين يمثلون مصالح بلادهم ولايمكن لهم تحت أيّ ظرف الانحياز لمصالح العراق وشعبه ، خصوصا وأنّ هذا الشخص معروف بأنه واحد من أخطر أدوات المشروع الايراني القائم على التوسع والفصل الطائفي والعنصري، وبالتالي فهو مرفوض شعبيا ووطنيا وسياسيا وأخلاقيا.
 
4-   وما هي طبيعة الدور الامريكي فى الحرب على داعش خاصة بعد مذكرة التعاون العسكري بين اقليم كردستان تحسبا لمعركة الموصل ؟
   ج ـــ على الجميع أن يعرف أنّ أمريكا هي من شكّلت وموّلت داعش ودفعته لاحتلال الأراضي العربية في سورية والعراق كجزء من مخطط أوسع لتفتيت المنطقة وفقا للخرائط والترتيبات التي تريد فرضها على الوطن العربي والشرق الأوسط بشكل عام.. وكانت خطتها منذ بداية الاحتلال التعامل مع الشعب العراقي كمكونات طائفية وعرقية ما يسهل لها تنفيذ أجندتها الخاصة، لذلك لم نفاجئ بقيام أمريكا بمضاعفة دورها التخريبي بتسليح هذه المكونات من وراء ظهر الحكومة العراقية المركزية بهدف تقوية هذا الطرف أو إضعافه بحسب مقتضيات مصلحتها وفوضاها المعلنة ، لذلك لا نعتقد أنّ هذه الخطوة لها علاقة بعملية تحرير الموصل كهدف ، وإنمّا تقوية الأطراف التي لها أطماع في المدينة من أجل الدخول في فصول ما بعد داعش التي خطّطت  لفوضاها منذ الآن .. الأمر الذي يقتضي موقفا موحدا من الحكومة العراقية وأبناء مدينة الموصل لحصر معركة التحرير بالجيش العراقي والتنسيق مع روسيا لمواجهة مفاجآت معركة تحرير الموصل ، التي لن تكون سهلة بحكم أنّ الموصل والرقة القلعتين الأخيرتين لداعش بعد أن بدأت خطوات سحب الغطاء الدولي والاقليمي من هذه المجموعة الارهابية تمهيدا لتشكيل ومسمّى آخر.
5-   وهل تري ان الدور الامريكي العسكري لازال مؤثرا فى العراق خاصة ان هناك اتجاه لاقامة قاعدة عسكرية امريكية فى العراق قريبا ؟
     ج ــ لا أعتقد أنّ هناك أيّ مستقبل لأمريكا في العراق والوطن العربي بعد أن إنكشفت كلّ الغطاءات التي تخفّت تحتها من أول الديمقراطية وحقوق الانسان والتدخل والاحتلال والى “الربيع العربي” والارهاب الممول أمريكيا، لذلك فالشعب العراقي ليس على إستعداد لقبول أيّ تواجد أمريكي في العراق وتحت أيّ عنوان ، وإذا ما فرض فسيكون هدفا مشروعا لكل العراقيين .. وأعتقد جازما أن الوجود الأمريكي في الوطن العربي والشرق الأوسط قد تراجع لصالح تعاون وتحالف متكافئ مع قوى صديقة صاعدة، في مقدمتها روسيا والصين..وآن لأمريكا أن تحمل عصاها وترحل.
6-   وهل تتوقعون ان تنجح القوات العراقية فى دخول الموصل بنفس الطريقة التى حدثت فى الفالوجة ؟
     ج ـــ أعتقد أنّ القوات العراقية ستنجح في تحرير مدينة الموصل في وقت قياسي إذا ما ترك لها زمام المبادرة والقيادة ووضع الخطط وتنفيذها.. ولكن المشكلة ليس في هدف التحرير وهو ما سيتحقق في وقت قريب كما نعتقد إنشاء الله، ولكن المشكلة ستبدأ بعد التحرير في ظلّ وجود أطراف محلية طامعة في المدينة تفتقر الى أبسط قواعد الحقوق والمسؤولية الوطنية، وكذلك الأمر بالنسبة للقوى الاقليمية ممثلة في تركيا التي إحتلت مستعمرات قريبة من الموصل وتخطط لتحويلها الى قبرص ثانية ، وكذلك أمريكا التي تهندس الآن فوضاها لما بعد داعش إنطلاقا من الموصل .. لذلك على قدر تفائلنا بمعركة تحرير الموصل وترقبنا لساعة الحسم الآتية بلا ريب باذنه تعالى إنشاء الله ، نحمل في نفس الوقت قدرا من القلق والحذر ممّا ستؤول اليه الأحداث في ظلّ المطامع المحلية والاقليمية والمخططات الدولية.
7-   فى ظل التوتر القائم بين اقليم كردستان وايران بعد التهديدات الايرانية هل تتوقعون تدخل ايران فى تلك المنطقة قريبا ؟
     ج ـــ الحقيقة أنّه لا يوجد أيّ توتر في العلاقة بين إيران وإقليم كردستان بالصورة المعلن عنها في الاعلام ، فالعلاقة بينهما متينة وقائمة على مصالح وأجندات مشتركة، وليس في الأفق ما يشير الى أيّ تدخل إيراني مباشر في حدود العراق الشرقية من جهة كردستان ، وما حدث هو مجرد رسائل متبادلة إتخذت الشكل العنيف مرحليا بين المعارضة الكردية المسلحة في إيران والنظام الايراني في ظلّ التطورات الاقليمية والدولية المتعلقة بالأزمة السورية والصراع المسلح بين حزب العمال الكردستاني والنظام التركي، خصوصا وأنّ دعوات الفيدرالية في سورية والعراق وتركيا وإيران بدأت تأخذ منحى إنفصاليا خطيرا، ما أثار المخاوف في الدول الأربعة وبالتالي بدء مرحلة جديدة من الرسائل والعمليات الاستباقية لاجهاض أيّ منحى بهذا الاتجاه.. والأزمة في كل الأحوال محسوبة ومسيطر عليها أمريكيا وإيرانيا .
8- وكيف ترى الازمة الاخيرة بين الحكومة العراقية واقليم كردستان حول دفع مرتبات الموظفين مقابل النفط ؟ وهل يعني ذلك ان اقليم كرستان قد انفصل عمليا عن العراق ؟
     ج ــ أولا لا يمتلك إقليم كردستان أي أسس مادية وسياسية للانفصال في هذه المرحلة على الأقل ، فضلا عن رفض النظام العربي والاقليمي والدولي لأي كيان كردي في الأفقين القريب والمتوسط وتحفظ أغلب الأحزاب الكردية الواقعية على هذا المنحى التصعيدي، وكلّ دعوات الانفصال والاستفتاء التي تسمعوها ليس أكثر من رسائل للاستهلاك المحلي في إطار الصراع والتنافس بين الأحزاب الكردية الذي وصل الى مراحل تنذر بمخاطر الصدام المباشر من جهة، ومن جهة أخرى هي مجرد محاولات للضغط على الحكومة العراقية للحصول على بعض التنازلات.. والحقيقة أنّ مشكلة رواتب الموظفين في الاقليم ليس سببها الحكومة المركزية التي قامت بالوفاء بالتزاماتها باعتراف أغلب الأحزاب الكردية، وإنّما تكمن المشكلة في سوء توزيع الثروة بسبب الفساد المستشري والذي بدأت سلطات الاقليم تعترف به وتتجه الى الى فتح ملفاته.
9-   وما هي حقيقة الدور التركي فى العراق ؟
     ج ـــ لتركيا مطامع معلنة في العراق ، وكثيرا ما صرّحت بأن حدودها الدولية تمتد الى نهاية خط أنبوب نفط الموصل كركوك، وما زالت دؤوبة على وضع ليرة تركية عن ولاية الموصل في الموازنة التركية السنوية ، الى جانب إحتلالها لأجزاء من الأراضي العربية المغتصبة في الاسكندرون ومرعش وأورفة ومرسين وماردين وديار بكر وغيرها ..وقد إستغلت الإحتلال الأمريكي للعراق لتمارس تدخلها وعدوانها على العراق تحت عناوين حقوق تاريخية زائفة في ظلّ الاحتلال العثماني السابق وحماية بعض الجماعات التي تدّعي إنتمائهم عرقيا إليها، خصوصا في ظل نظام حزب العدالة والتنمية القائم على الفصل الطائفي والعنصري والعداء المتأصل للعرب والعروبة. لذلك مارس هذا النظام شتى أنواع العدوان ودعم الجماعات الارهابية في العراق وسورية ومصر وليبيا واليمن وغيرها بما يتعارض مع المواثيق الدولية والانسانية وعلاقات حسن الجوار والعقيدة الاسلامية المشتركة، مغلّفا هذا التوجه بمسرحيات معدّة مسبقا حول دعمه لقضية فلسطين ، وكان حريصا على أن يكون جزءا فاعلا من أيّ مشروع معاد للعرب والعروبة ،سواء كان دوليا بالاتفاق مع أميركا والغرب أو إقليميا بالاتفاق مع الكيان الصهيوني والنظام الايراني والتيارات الشعوبية الارهابية والتكفيرية، تحت أوهام إعادة إنتاج الامبراطوريات الاستعمارية البائدة ، وآخر فصوله العدوانية إحتلال أراض قرب مدينة الموصل على شكل مستعمرات إستيطانية ومواطئ قدم بالتعاون مع المفردات الطائفية التي تماهت تاريخيا مع الاحتلال العثماني وأصبحت جزءا منه ، بهدف إستغلال  معركة الموصل لتحويل المدينة الى قبرص ثانية .. ولكن في ضوء التردي الأمني والسياسي للداخل التركي والتأزم مع دول الجوار وعلاقاته الدولية المرتبكة ووصوله الى طرق مسدودة غالية الثمن في أوهامه وأساطيره ، بدأ هذا النظام يعيد حساباته بالدعوة الى الانفتاح والمصالحة مع العراق وسورية ومصر وروسيا ، ما يشكّل خطوات إيجابية نتمنى أن تكون صادقة بما ينعكس إيجابيا على المصالح المشتركة وقضايا السلام والأمن ومكافحة الارهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بين الدول العربية وتركيا، ونأمل أن تكون خطواته الأولى ـ إذا صدقت النوايا ــ بسحب قواته الغازية من الأراضي العراقية ، وسحب الدعم والبساط من الجماعات الارهابية في سورية ، وتغيير موقفه المعادي لثورة 30 يونيو الشعبية في مصر العروبة.
10- كيف تنظر الى الانفجارات التى حدثت مؤخرا فى الحرم النبوي ومدي ارتباطها باحداث العراق ؟
     ج ـــ هذه جريمة إرهابية بامتياز ومن أخطر الجرائم التي يتعرض لها العرب والمسلمون في أقدس أماكنهم الروحية السامية التي مسّت حرمة وقدسية نبينا الكريم محمد (ص) ، فضلا عمّا تشكّله هذه الجريمة من عدوان إرهابي على المملكة العربية السعودية وشعبها العربي الأصيل .. وأعتقد أن هذه الجريمة لا ترتبط بأحداث العراق لوحده ولكنها ترتبط بمشروع إرهابي أوسع يستهدف الوطن العربي بكامله ، ومازال ناشطا منذ إحتلال العراق وزادت وتيرته مع ما سمي بــ” الربيع العربي” حيث صار الوطن العربي ساحة مفتوحة لهذه الجرائم الارهابية.. ما يستدعي إعادة النظر في العلاقات العربية ومغادرة سياسة المحاور والصراعات البينية ، يبدأ بتصحيح الموقف العربي الخاطئ من سورية حكومة وشعبا الذي أجبرهما هذا الموقف مكرهين على طلب العون من إيران وغيرها، وإعادة تعريف المصالح العربية في ظلّ عالم محكوم بأولوية المصالح والقوة ويعجّ بالمتغيرات المتسارعة على الأصعدة كافة.
11- وهل تري ان هناك اطراف تسعى الى اشعال حرب دينية فى المنطقة ؟
     ج ـــ بالتأكيد هناك أطراف دولية وإقليمية ومحلية تحاول بكل الطرق إشعال حروب طائفية في المنطقة تحت مسميّات ثنائية وهمية لا تمت للعروبة والاسلام بأية صلة، عبر ضرب وتفكيك الهوية العربية وتمزيقها الى طوائف وأعراق وملل ونحل.. وهو مشروع قديم / جديد، لكن هذا المشروع وجد فرصته مع إحتلال العراق وحروب الابادة في ليبيا وسورية واليمن تحت ستار “الربيع العربي”، وتقاعس الأنظمة والمعارضة معا عن الانفتاح السياسي وإحداث الاصلاحات المطلوبة والارتقاء الى حالة عربية ديمقراطية سليمة تجمع الكل وللكل ، ودخول ” الربيع العربي” في حلقة مفرغة بتحول المعارضة الى سلطة والسلطة الى معارضة وكلاهما يقتل ويقصي ويعزل ويسجن ويعذب ولم يعد ثمّة فارق بين من في السلطة ومن في المعارضة .. وقد تعاونت في ظلّ هذه الأوضاع أطراف دولية ممثلة بأمريكا وبعض الدول الغربية ، وإقليمية ممثلة بالكيان الصهيوني وإيران وتركيا ، ومحلية ممثلة بالشعوبية المحلية الطائفية والتكفيرية والارهابية ، لتمرير أخطر مشروع يواجه الأمة العربية في تاريخها المعاصر، بتحويل جوهر الصراع في المنطقة بين مشروع نهضوي عربي يسعى جاهدا من أجل حرية الوطن والمواطن والعدالة الاجتماعية والسياسية والديمقراطية والتقدم والتنمية والوحدة العربية ، وبين مشروع تفتيتي خارجي وداخلي يحاول كبح مسار هذا المشروع بكل الوسائل، تحويله الى صراع مفتعل على أسس طائفية وهمية وعرقية واقلوية من خارج السياق التاريخي والاجتماعي والمواطنة للأوطان والأمة.
12- وهل يتطلب الامر تدخل المؤسسات الدينية كالازهر لاحياء عملية التقارب بين السنة والشيعة لافساد هذا المخطط ؟
    ج ـــ هذا السؤال مكمّل للسؤال السابق ، حيث أنّ مشروع إشعال الحرائق الطائفية والعرقية والأقلوية يحتاج الى تدخل المؤسسات الدينية الوسطية التي تنتهج صحيح الدين وجوهره التوحيدي السامي ممثلة بالأزهر الشريف في مصر والمرجعيات الدينية العربية في العراق ولبنان ، من أجل قطع الطريق على جمر هذا الحريق وتفعيل التقريب والتقارب في الاجتهادات بين أبناء الدين الاسلامي الواحد وعقيدتهما التوحيدية المشتركة، والذي كان للأزهر الشريف أيام الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الريادة في هذا التقريب عمليا بادخال المذهب الجعفري ليدرّس في جامعة الأزهر الى جانب المذاهب الأربعة ، الشافعي والمالكي والحنبلي والحنفي.. والحقيقة أنّنا ننتظر من الأزهر الشريف أن يبادر من جديد الى القيام بدوره التوحيدي الرائد ، ونقترح في هذا المجال أن يقوم فضيلة الشخ الدكتور أحمد الطيب من موقعه الديني والرمزي والاعتباري بزيارة قريبة الى العراق من أجل فتح آفاق الحوار والتقريب والتقارب ، وهي زيارة ستكون لها إنعكاسات ومفاعيل إيجابية سريعة على جميع المجالات الدينية والسياسية والاجتماعية والعلمية ، ليس بين الشعبين الشقيقين في مصر والعراق ولكن على مستوى الوطن العربي والعالم الاسلامي بشكل عام .
13- وما هي رؤيتكم للفتور الحالي بين دول خليجية وعلى راسها السعودية مع العراق بدعوة سيطرة ايران على مفاصل الدولة السياسية فى العراق ؟
  ج ـــ أولا إنّ العراق وشعبه ليس قاصرين حتى يسمحا لأي كان السيطرة على شؤونه ما يتطلب من الآخرين الدفاع عنه ، فهو قادر على أن يقاوم بكل الوسائل أيّ قوى خارجية طامعة تريد التدخل أوالاحتلال أو أيّة أهداف سلبية أخرى ، وتراثه الثوري المقاوم شاهد على ذلك وأقربه مقاومة الاحتلال الأمريكي وإجباره على تجرع مرارة الهزيمة والرحيل .. لكن للأسف موقف الاخوة في دول الخليج العربي  ينطلق من رؤية خاطئة للأوضاع في العراق بفعل إعتمادهم على مفردات طائفية شريكة في محاولات هدم وتقسيم العراق والوطن العربي صوّرت لهم ــ بالضد من الواقع تماما ــ كما لو أن الشعب العراقي منقسم الى جزر طائفية وأن إيران وغير إيران يصولون ويجولون فيها كما يريدون ، وبالتالي بنوا مواقفهم على تلك الرؤية الخاطئة ، فضلا عن إعتماد بعضهم على بعثات دبلوماسية لم تراع كما يجب وكما هو منتظر منها أصول الدبلوماسية وتقاليدها ولغتها ، ما إنعكس سلبا على العلاقات بين العراق وأشقائه في الخليج العربي الذي باتت تشهد بين فترة وأخرى حالات من المدّ والجزر وسوء الفهم والشكوك المتبادلة ، بطريقة تشبه الى حدّ كبير الموقف العربي الخاطئ من سورية التي أجبرت في مواجهة سيل المرتزقة والارهابيين والتدخل الدولي والاقليمي الى طلب العون من إيران وغيرها من منطلق عدو عدوي صديقي.. لذلك دعوتي للأخوة في الخليج العربي أن يوسعوا قنوات معرفة الحقائق في العراق من المؤمنين بوحدته وعروبته وغلق كلّ منافذ مقاولي الطائفية والشخصنة ، حينها سيكتشفون أنهم ضحية تزوير للحقائق مقصود منه تمزيق العراق والوطن العربي عموما وفي المقدمة دول الخليج العربي نفسها الى محميات للطوائف والأعراق والاثنيات والملل والنحل.. وكما قال شاعرنا الرصافي (( لا يخدعنّك هتاف القوم في الوطن..فالقوم في السرّ غير القوم في العلن)).. فأغلب تلك المفردات الطائفية تتحدّث عن إيران في النهار وتكيل لها الشتائم على الشاشات بمخزون صوتي هائل ، لكنهم في الليل “أبو الأسرار” يسهرون مع السفير الايراني وعند الفجر يقصدون طهران بأوراق أو جوازات سفر خاصة أخرى.  
14- وما هي رؤيتكم للموقف المصري بعد وصول الرئيس السيسي الى السلطة ؟
     ج ـــ ستمرّ فترة قبل أن يكتشف العرب بأن دور الشعب العربي المصري وجيشه الباسل بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في ثورة 30 يونيو ، لم يكن إنقاذا لمصر وحدها ، ولكن للوطن العربي كلّه ، من مخطط واسع وخطير كان يروم تقسيم مصر وكل ّ دولة عربية الى محميات للطوائف والأعراق والأقليات ، وهذا هو سرّ المواقف المعادية من الثورة من قبل أمريكا والكيان الصهيوني وتركيا وإيران وبعض أدعياء المقاومة والتيارات الارهابية والتكفيرية، التي كانت تعوّل على أن تتحول مصر الى بوابة للتقسيم والتفتيت وفقا للمخطط الذي كان مرسوما والذي أعدت له أمريكا تيارات وكوادر اعلامية وسياسية ودينية دربتهم طويلا لتسليمهم سلطة التقسيم في كلّ عواصم الوطن العربي تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان الزائفة .. لذلك كان توجه الثورة منذ البداية وإنطلاقا من هذا الوعي بالدور والمسؤولية توجهها الى  إعادة دور مصر العربي وقيادتها القومية العربية وتفعيل جوهر ثورة 23 يوليو الأم لعام 1952، باتجاه العدالة الاجتماعية والسياسية وإنجاز المشروعات العملاقة على مستوى قناة السويس وإنصاف سكان العشوائيات والتنمية والتصنيع وإعداد الشباب لقيادة مصر مستقبلا ، والتركيز على الأمن القومي العربي والقوة العربية المشتركة وكل ما يفعّل المناعة العربية الداخلية في مواجهة المخاطر الخارجية ، ورفض المساس بوحدة وعروبة سورية والعراق وليبيا واليمن والمساهمة الايجابية في حلّ الخلافات العربية ، وتبني القضية الفلسطينية وإيجاد الحلول الممكنة في هذه المرحلة باتجاه التمكين في المراحل القادمة ، وبناء علاقات وتحالفات دولية إستراتيجية خصوصا مع روسيا والصين  وغيرهما من الدول باتجاه عالم أكثر عدالة وإنسانية ومساواة وغير ذلك كثير.. وبالتالي عودة مصر من جديد موئلا ومقصدا للعرب جميعا .
15- فى النهاية فى ظل التدخلات الخارجية فى المنطقة ما هى مطالبكم من العرب خلال قمتهم القادمة ؟
     ج ـــ أعتقد أنّ المهمة الرئيسة للعرب في مؤتمر القمة القادمة هو التوقف قليلا والمصارحة مع النفس ، وسؤالها لماذا وصلنا كعرب ، حكاما ومحكومين، الى ما وصلنا اليه من فوضى وحروب وإبادة بينية وإرهاب مستشري ودماء نازفة بلا حساب ؟ ومن المستفيد ؟ والى أين؟ ولماذا؟ ..وإذا ما خلصت النوايا وتمّ إدراك الحقائق والمسؤولية من الجميع ، فانّ الخطوات الأولى تبدأ بتصحيح مسار العلاقات البينية العربية باجراء مصالحة شاملة وتصحيح الموقف الخاطئ من سورية وإحداث قطيعة مع سياسة المحاور والاستقواء بالأطراف الدولية والاقليمية ، والانفتاح السياسي والاصلاحي الداخلي ..والتوجه نحو تحويل الجامعة العربية الى إتحاد على غرار الاتحاد الأوربي وتفعيل إتفاقية الدفاع العربي المشترك والسوق العربية المشتركة والروابط العربية المهنية والعلمية والثقافية والتجارية و…..الخ، وإصدار إعلان مشترك يتضمن قرارا فوريا بفتح الحدود بين الدول العربية بدون فيزا وأية إجراءات مانعة أخرى وذلك باستخدام جواز السفر أو الهوية الشخصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *