كتبت\هبه عبدالله
كان 8 أكتوبر، مثل هذا اليوم، من عام 1973 هو «يوم الفشل العام» لإسرائيل فى مواجهتها العسكرية مع مصر وسوريا، التى بدأت منذ يوم 6 أكتوبر، وفقا لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى فى مذكراته، وينقله المشير محمد عبدالغنى الجمسى فى مذكراته «حرب أكتوبر»، قائلا على لسان ديان: «يوم 8 أكتوبر هو نقطة التحول فى الحرب، فالغرض منه كان سحق القوات المصرية التى عبرت القناة، واتخذت مواقعها على الضفة الشرقية، كانت إسرائيل قد أرسلت مئات الدبابات للاشتراك فى الهجوم المضاد، وكنا نقدر أن يكون يوم 8 أكتوبر هو يوم الدروع المتصارعة، اشتبكت الدبابات الإسرائيلية بالفعل، ودار قتال مرير، وحارب رجالنا بشجاعة، غير أن هذا اليوم كان يوم الفشل العام».
كانت شواهد يوم الفشل العام لإسرائيل متعددة، ففيه ووفقا للجمسى: «تمكنت الفرقة 18 مشاة، بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى من تحرير مدينة «القنطرة شرق»، بعد أن حاصرتها داخليا وخارجيا ثم اقتحامها، ودار القتال فى شوارعها وداخل مبانيها حتى انهارت القوات المعادية، واستولت الفرقة على كمية من أسلحة ومعدات العدو بينها عدد من الدبابات، وتم أسر ثلاثين فردا للعدو وهم كل من بقى فى المدينة»، ويضيف «الجمسى»: «فى قطاع الجيش الثالث نجحت الفرقة 19 مشاة، بقيادة العميد يوسف عفيفى فى احتلال عين موسى، كما احتلت مواقع العدو الإسرائيلى المحصنة على الضفة الشرقية».
ومن شواهد الفشل العام لإسرائيل أيضا، وفقا لـ«الجمسى»، خيبة العدو فى «الضربات المضادة» ضد قوات الجيش الثانى من القنطرة شرق إلى الإسماعيلية شرق، حيث وجد اللواء سعد مأمون، قائد الجيش، فى مواجهته فرقتين مدرعتين، إحداهما فى منطقة شرق القنطرة بقيادة الجنرال «آدان»، والأخرى على الطريق الأوسط بقيادة «شارون»، يضيف «الجمسى»: «بدأت فرقة «آدان» المكونة من ثلاثة لواءات مدرعة «قرابة 300 دبابة»، ووحدات أخرى بالهجوم ضد الفرقة 18 بقيادة فؤاد عزيز غالى فى قطاع القنطرة بلواء مدرع، وضد الفرقة الثانية بقيادة حسن أبوسعدة فى قطاع الفردان بلواء مدرع آخر، وتمكنت قوات الجيش الثانى من صد هذا الهجوم فى القطاعين، وفشلت قوات العدو فى مهمتها، واضطرت على أثرها للانسحاب شرقا».
يؤكد «الجمسى» أن الجنرال آدان حاول مرة أخرى الهجوم بلواءين مدرعين ضد فرقة حسن أبوسعدة، واللواء الثالث ضد الفرقة 16 بقيادة العميد عبدرب النبى فى قطاع شرق الإسماعيلية، ودارت معركة «الفردان» بين فرقة «آدان» وفرقة أبوسعدة، وكانت قوة الدبابات الإسرائيلية المتقدمة باندفاع شديد تتكون من 35 دبابة مدعمة، بقيادة العقيد عساف ياجورى، الذى أصابه الذعر عندما أصيبت، ودمرت له ثلاثين دبابة خلال معركة دامت نصف الساعة، ولم يكن أمامه إلا القفز من دبابة القيادة ومعه طاقمها للاختفاء فى إحدى الحفر لدقائق، وقعوا بعدها فى الأسر، واضطر آدان إلى الانسحاب».
ومن بطولات قواتنا الجوية وسلاح الدفاع الجوى وسلاح البحرية والصاعقة، يؤكد «الجمسى»: «وصل عدد الطلعات التى نفذتها قواتنا الجوية إلى قرابة 400 طلعة، وهو مجهود كبير كان له أثره الفعال، وحتى نهاية اليوم تم إسقاط 24 طائرة فانتوم وسكاى هوك للعدو، بينما كانت خسائرنا عشر طائرات، وفى البحرين المتوسط الأبيض والأحمر، استمرت قواتنا البحرية فى تنفيذ مهامها لضرب مواقع العدو الساحلية، وعلى الساحل الشرقى لخليج السويس، أشعلت قوات الصاعقة النيران فى مناطق بترول بلاعيم، وبانتهاء قتال هذا اليوم فى قرابة الساعة الثامنة مساء، كانت قواتنا المسلحة قد حققت نصرا كبيرا.
يكشف «الجمسى»: «لم نكن نعلم فى مصر طول مدة الحرب، وبعدها بمدة طويلة أحد المسؤولين العسكريين وصل من أمريكا إلى إسرائيل، فجر هذا اليوم «8 أكتوبر»، للاشتراك فى التخطيط مع إسرائيل لمواجهة الموقف العسكرى الإسرائيلى المتدهور، وكشف الجنرال إليعازر رئيس الأركان الإسرائيلى أثناء الحرب فى مذكراته، التى كتبها عن هذا السر، بأن المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط فى البنتاجون «وزارة الدفاع الأمريكية»، وصل إلى مطار بن جوريون فى طائرة عسكرية خاصة، يحمل مجموعة تقارير وصورا خاصة بالمعارك ومواقع القوات، كما التقطها القمر الصناعى الأمريكى، واستعرض المسؤول الأمريكى الموقف، واتفق الرأى على أن القتال لو استمر أكثر من ستة أيام، فإن ذلك سيكون فى صالح العرب، خاصة إذا طورت القوات المصرية هجومها شرقا فى اتجاه الممرات، وستكون نتيجة القتال فى غير صالح إسرائيل أيضا، إذا استمر القتال على الجبهتين المصرية والسورية، كما يجرى حاليا، ووصل المسؤول الأمريكى إلى استنتاج هو «الحل الوحيد هو عزل إحدى الجبهتين عن الأخرى، أو بمعنى أوضح توجيه ضربة مكثفة على إحدى الجبهتين لشل الجبهة السورية أوالجبهة المصرية أولا، حتى يستقيم لإسرائيل القتال على جبهة واحدة».