“الحشد الشعبي” يخطط لحكم العراق بعد هزيمة “داعش” بالتحالف مع المالكي

مع اقتراب الحرب ضد تنظيم “داعش” من نهايتها في العراق، بدأت فصائل شيعية، مقربة من إيران ومنضوية في “هيئة الحشد الشعبي”، بالتحرك لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمة واحدة، بالتحالف مع رئيس الوزراء السابق نوري الماكي، للحصول على منصب رئيس الحكومة.

وقال زعيم حركة “عصائب أهل الحق” (إحدى فصائل الحشد)، قيس الخزعلي، في تصريحات صحافية، مؤخرًا، إن “رئيس الوزراء المقبل يجب أن يكون داعمًا للحشد ومن الحشد نفسه”، بدعوى “الحفاظ على الإنجازات التي تم تحقيقها”.

ومن المقرر إجراء انتخابات مجالس المحافظات، في 16 سبتمبر/ أيلول المقبل، بينما تُجرى الانتخابات البرلمانية في 2018، حيث تنتهي الدورة التشريعية لمجلس النواب الحالي في 30 يونيو/ حزيران 2018.

رفض الصدر والحكيم

المتحدث باسم “عصائب أهل الحق”، نعيم العبودي، كشف للأناضول، عن “عقد قادة فصائل الحشد اجتماعات أسبوعية في مقر “منظمة بدر”، في حي “الكرادة” وسط بغداد، بحضور المالكي وأمين عام “منظمة بدر”، هادي العامري، لمناقشة مستقبلهم في العملية السياسية، عبر المشاركة بالانتخابات المقبلة في قائمة انتخابية واحدة، بهدف الحصول على أكبر عدد من أصوات الناخبين”.

وأضاف العبودي أن “قيادات الفصائل اصطدمت برفض زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ، وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم (شيعي)، دخولهما في قائمة موحدة مع فصائل الحشد، حيث فضلا المشاركة بقوائم منفردة”.

وفي أكثر من مناسبة انتقد الصدر ما قال إنها تدخلات إيرانية في الشأن العراقي لصالح بعض الفصائل والقوى العراقية، فيما يقود الحكيم مبادرة لتصفير مشاكل العراق داخليًا وخارجيًا، استعدادًا لمرحلة ما بعد هزيمة “داعش”.

وتابع العبودي أنه “يمكن القول إن القائمة الانتخابية ستضم الفصائل الشيعية القريبة من إيران والموالية عقائديًا للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وهي “عصائب أهل الحق”، و”كتائب حزب الله”، و”بدر”، و”النجباء”، و”رساليون”، و”جند الإمام”، و”سرايا الخراساني”، وستتحالف مع “ائتلاف دولة القانون” برئاسة المالكي”.

فتوى وقانون

وإثر فتوى للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، بمقاتلة “داعش”، تشكل “الحشد الشعبي” من متطوعين وفصائل شيعية في 2014، عندما اجتاح التنظيم شمال وغرب العراق وبات على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة بغداد.

وتقول القوى السياسية السنية في العراق إن ظهور “داعش”، واكتساحه العديد من المحافظات، جاء بسبب تفرد أطراف شيعية بحكم البلد، وغياب الرؤية المشتركة لإدارة المؤسسات الحكومية، خصوصًا الأمنية والسياسية.

وهو ما تنفيه حكومة حيدر العبادي الذي تولى السلطة عام 2014.

وساهم “الحشد الشعبي” في صد هجوم “داعش“، ومن ثم شارك إلى جانب القوات الحكومية في الحملات العسكرية المضادة للتنظيم، على مدى العامين الماضيين، حتى انحسر نفوذ “داعش” تدريجيًا، وبات على وشك الهزيمة في العراق.

ورغم معارضة النواب السنة والأكراد في البرلمان، نجح نظراؤهم الشيعة في تمرير قانون، في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصبح بمقتضاه “الحشد الشعبي” قوات رسمية لها كيانها الخاص على شكل “جيش رديف”، وهو ما اعتبره البعض تشكيلًا يشبه “الحرس الثوري في إيران”.

خرق للقانون ومخالفة للمرجعية

وقال الخبير القانوني النائب البرلماني السابق وائل عبد اللطيف، معلقًا على تحركات “الحشد الشعبي” تمهيدًا للانتخابات المقبلة، إن “قانون الأحزاب السياسية رقم 36 لعام 2015، الذي شرعه البرلمان العراقي، وصادقت عليه رئاسة الجمهورية، يمنع تسجيل أي كيان سياسي له تشكيلات عسكرية، وهيئة (الحشد الشعبي) مؤسسة عسكرية لها ارتباط أمني بالأجهزة الأمنية”.

وتابع عبد اللطيف: “قادة فصائل الحشد، الذين بذلوا جهودًا كبيرة لتحويل الحشد إلى قوة رسمية، وضعوا أنفسهم على ما يبدو في مأزق قانوني؛ فقانون الأحزاب يمنع القوات العسكرية من المشاركة في الانتخابات”.

وأضاف أن “مشاركة الحشد في السياسة لا تحظى بمباركة السيستاني، حيث أغلق أبوابه أمام وفود وشخصيات شيعية سعت إلى الحصول على موافقته للمشاركة في الانتخابات”.

وشدد على أن “السيستاني، ضد مشاركة “الحشد” في السياسة، ولم يتحمس كثيرًا لإقرار الأحزاب الشيعية قانون الحشد في البرلمان ليصبح قوة رسمية، بل كان يسعى إلى إنهاء قوات الحشد وتحويل عناصرها إلى وظائف مدنية”.

وتمتلك الفصائل الشيعية المسلحة في العراق أذرعًا سياسية، وتشير التقديرات إلى أن قواتها تعاظمت خلال الحرب ضد “داعش”، حيث يقدر عدد أفرادها حاليًا بأكثر من 100 ألف مسلح.

وتواجه قوات “الحشد الشعبي” اتهامات متكررة من منظمات حقوقية وأطراف سُنية بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين السُنة، بينها عمليات إعدام ميدانية وتعذيب محتجزين خلال الحرب ضد “داعش”، فيما ينفي قادة “الحشد” وجود انتهاكات ممنهجة.

مراجع ومواقف مختلفة

ووفق أستاذ العلوم السياسية في “الجامعة المستنصرية”، أنور الحيدري، فإن “الفصائل الشيعية المسلحة، التي توحدت في الجبهات لمحاربة عدو واحد هو “داعش”، ليست على انسجام في المواقف السياسية والمرجعية الدينية”.

ورجح الحيدري، في حديث مع الأناضول، أن “يؤدي التنافس بينها للحصول على أصوات الناخبين إلى صدامات مسلحة فيما بينها، خصوصًا وأن مقاتلي هذه الفصائل أصبح لديهم نفوذ داخل الأحياء والمدن المستقرة”.

ورجح أن “الانتخابات المقبلة في العراق ستكون الأصعب والأخطر في البلاد منذ 2003 فالمعارك ضد “داعش” ما تزال مستمرة، والتحالفات السياسية تحتاج الكثير من الوقت”.

ورجح الأكاديمي العراقي أن “يتحول الصراع السياسي إلى مواجهة بالبنادق وليس بصناديق الاقتراع”.

ومؤخرًا، هاجم رئيس “التحالف المدني”، النائب مثال الألوسي طموحات الحشد السياسية، حينما خاطب زعيم “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، بالقول: “من أنت حتى تصبح رئيسًا للوزراء.. أنت لا شيء”، لكن “العصائب” ردت بتهديد صريح، قائلة في بيان: “أغلق فمك قبل أن يُغلق”.

وهو ما يؤشر إلى أن الفصائل الشيعية المسلحة حسمت أمرها بالسير نحو منصب رئيس وزراء العراق، حتى ولو تطلب ذلك “ترهيب أو تصفية الخصوم”، وفق منتقدين للطموحات السياسية للفصائل المسلحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *