كتب\هشام الفخراني
الحضارة المصرية ليست سوداء والملكة كانت ذات بشرة فاتحة اللون وذات أصول مقدونية خالصة والمتحدة للخدمات الإعلامية حائط صد أمام تزييف تاريخنا القديم
استطاع المصريين القدماء بناء حضارة رائدة فى شتى المجالات، وبها سبقت جميع حضارات شعوب العالم، فهناك ملايين المجلدات عن ما صنعه المصرى القديم، لتكون محط اهتمام الباحثين والدارسين من جميع أنحاء العالم، فما تم الإفصاح عنه فهو لا يتخطى إلا نسبة قليلة من إبداع الفراعنة، لأنه ببساطة مازالت الأرض تخرج ما فى باطنها من كنوز وتراث أجدادنا القدماء وبالتى سيكون هناك العديد من الدراسات الجديدة التى تكشف عن عبقرية العقل المصرى القديم.
ومع إجراء العديد من الدراسات والأبحاث التى تقام على أسس وأدلة علمية بناء على شواهد أثرية تصبح مادة أمام الجميع ليعرف الجميع مدى المعجزة التى حققها الإنسان المصرى القديم، ولكن هناك العديد من مزورى وقائع وثوابت تلك التاريخ، وهو ما حدث مؤخرًا من خلال طرح مسلسل وثائقى بعنوان “الملكة كليوباترا” Queen Cleopatra، والذى أثار غصب المؤرخين والأثرين لما يحمل من أكاذيب بدأت من شكل الملكة التى ظهرت بملامح أفريقية، بمعنى أنها ظهرت سوداء البشرة بشفاه غليظة وأنف عريضة.
ولكن هناك من يتصدى لهذه الأكاذيب من باب الغيرة على تاريخ بلادهم ومنعا لتزييف الحقائق التاريخية التى صنعت المعجزات وسبقت كل الحضارات حول العالم، وهو الدور الذى تقوم به الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إذ تعد المنصة الحقيقية لصد أى أكاذييف أو محاولة لتزوير الواقع من خلال أعمال تعمل على نشر الحقائق ورفع مستوى الوعى لدى المواطن العربى.
وأعلنت قناة “الوثائقية”، بقطاع الإنتاج الوثائقي في شركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بدء أعمال التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن الملكة كليوباترا السابعة Cleopatra VII، ابنة بطليموس الثاني عشر.
ولأن ما تقوم به الشركة المتحدة يبنى على أسس علمية لا تحتمل التشكيك أو الأخطاء وهو المعهود دومًا في جميع أعمال قطاع الإنتاج الوثائقي وقناة الوثائقية، ولكونها تبنى أعمالها على أسس علمية صحيحة فقد كشفت أن هناك جلسات عمل منعقدة حاليًا مع عدد المتخصصين في التاريخ، والآثار، والأنثروبولوجي؛ من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته لأقصى درجات البحث والتدقيق.
الملكة كليوباترا فى التاريخ
لم تحظِ ملكة عبر العصور بما حظيت به الملكة الأشهر كليوباترا السابعة من عشق وهيام وإعجاب ليس له مثيل عبر الأزمنة والعصور ومن خلال الأمكنة والحضارات.
لقد كانت الأسرة البطلمية شبه ميتة قبل وصول كليوباترا إلى حكم مصر بيد أنها عجلت باحتلال الرومان لمصر، ليس عن طريق القوة العسكرية فقط، بل عن طريق إلهاب قلوب وعقول قادتها، مما دفعهم إلى احتلالها وتحويلها إلى جزء من الإمبراطورية الرومانية.
بعد موت والدها بطليموس الثاني عشر الزمار، انتقل العرش إلى ابنه وابنته، غير أن الاثنين كان يمتلكان الطموح ليحكم كل منهما مستقلاً، فوقع بينهما صراع شديد، وجدت كليوباترا من خلاله أنها لا تحارب أخيها فقط، لكن رجال القصر أيضًا، فقررت الهرب حتى تجد الفرصة سانحة للعودة.
كانت كليوباترا تخطط للعودة إلى الحكم، وكان الصراع في روما للسيطرة عليها على أشده بين يوليوس قيصر وصديقه وشريكه بومبي، وانتهى الصراع بهزيمة بومبي، وهروبه إلى مصر، عسى أن يجد ردًا لجميله عند أبناء بطليموس الزمار إذ كان بومبي هو من أعاده إلى مصر، كما أكد كتاب “ملكات من مصر القديمة” لعالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير.
ووصل بومبي إلى مصر، لكنه قُتل، ووصل يوليوس قيصر إلى الإسكندرية، وحين علم بقتل بومبي، حزن كثيرًا على صديقه، وأكرم مثواه، وبعد أن هدأ يوليوس قيصر من صدمة قتل صديقه، بدأ يتجول في المدينة وكأنه ملك على البلاد؛ فاستفز ذلك كثيرًا من الإسكندريين الوطنيين.
انبهار يوليوس قيصر بجمال كليوباترا
علم يوليوس قيصر بالمشكلات التي بين الأخوين؛ فأرسل في طلبهما، ودخلت كليوباترا القصر من خلال خادمها الذي لفها في سجادة، فخرجت منها كأفروديت، ربة الحب والجمال الخارجة من القوقعة، فانبهر بها يوليوس قيصر، وبعد هزيمة أخيها، أعلن يوليوس قيصر الملكة كليوباترا السابعة ملكة على مصر.
كان عليها أن تدفع ثمن مساعدة قيصر لها، وكان الثمن هو رحلة نيلية لثلاثة أشهر، عادت منها كليوباترا تحمل طفله في أحشائها، وعاد قيصر إلى روما بعد أن أعلن كليوباترا ملكة على مصر، وزوجها من أخيها بطليموس الرابع عشر، وما لبثت كليوباترا أن أنجبت ابنًا من يوليوس قيصر، باسم “قيصر”، وأسماه المصريون ساخرين “قيصرون“.
شهدت مصر في تلك الفترة من حكم كليوباترا نهضة قوية في الاقتصاد والحياة السياسية، وقامت كليوباترا بزيارة روما ومقابلة قيصر، وشعرت وكأنها أصبحت ملكة على روما، ومكثت هناك عامين، ثم قُتل يوليوس قيصر داخل السيناتو.
مثلت نهاية قيصر غير المتوقعة صدمة عنيفة لكليوباترا التي لملمت أحزانها، وعادت إلى مصر، وأعلنت ابنها قيصر (أو قيصرون) شريكًا لها في حكم مصر، بعد أن قتلت أخاها بطليموس الرابع عشر.
في روما اندلع الصراع الشديد بين أنصار وأعداء يوليوس قيصر، وتزعم جيش الأنصار مارك أنتوني وأوكتافيوس، وانتهى الصراع بهزيمة أعداء يوليوس قيصر، واقتسام الملكية بين أنصار يوليوس قيصر، وكان نصيب مارك أنتوني الجزء الشرقي من الإمبراطورية.
أرسل ذلك العاشق القديم إلى كليوباترا طالبًا اللقاء، ولم تبذل كليوباترا الكثير من المجهود؛ فمارك أنتوني كان على أتم الاستعداد للوقوع في شباكها، وأنجب منها ثلاثة أبناء، وأعلن زواجه منها مخالفًا بذلك القانون الروماني الذي لم يكن يسمح بالزواج من أجنبيات، وأعلن أن كل الولايات الشرقية ملك كليوباترا، وأن الإسكندرية هي عاصمة الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية.
فأعلن أوكتافيوس الحرب على شريك وصديق الأمس الذي أصبح عدو اليوم، وبدأ يشهر به وبكليوباترا التي أطلق عليها وصف “العاهرة”! ونجح في الحصول على موافقة السيناتو في شن حرب للقضاء على كليوباترا وأنتوني، وأقسم أن يحضر كليوباترا مقيدة بالسلاسل إلى روما.
بالفعل التقى الطرفان في موقعة أكتيوم البحرية، وهُزم فيها أنتوني وكليوباترا وهربا إلى مصر، وأشاعت كليوباترا أنها ماتت لتستثير قوة أنتوني، غير أنه مات، ودخل أوكتافيوس من سوريا إلى مصر، واستولى عليها تمامًا، وحاولت معه كليوباترا بكل الوسائل، غير أن هذا الشخص، العصامي الريفي الأصل، رفض كل محاولات كليوباترا التي أخذت حياتها بيديها عن طريق حية الكوبرا، وإن كان المؤرخ بلوتارخ، الذي يحمل كليوباترا المسئولية كاملة، يرى أن أوكتافيوس أرسل إليها من يقتلها.
بدأ يستعد للحرب معلنًا أنه يريد القضاء على المرأة الأجنبية التى تريد السيطرة على روما، ووضعت كليوباترا وأنتونى القوات عند أكتيوم على الشواطئ الغربية لليونان، دخل أوكتافيوس الإسكندرية، وحاولت كليوباترا إثناءه عن عزمه في أن يقيدها بالسلاسل في شوارع روما؛ فعرضت عليه التنازل عن العرش لأبنائها مقابل أن يمنحها الأمان، ولكنه كان مصرًا على رأيه؛ فآثرت كليوباترا الانتحار بحية الكوبرا، وإن كان البعض يذكر أن أوكتافيوس قد تمكن منها وقتلها، بهزيمة وموت كليوباترا السابعة تسقط دولة البطالمة، وتدخل مصر إلى حظيرة الإمبراطورية الرومانية منذ عام 30 قبل الميلاد.
كليوباترا في عيون العلماء
قال عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس، إن الملكة كليوباترا لم تكن سوداء، وهى أصلا يونانية، وإذا شاهدنا تماثيل وأشكال أبيها وأخيها فلم نجد أى دليل على إنها كانت صاحبة بشرة سوداء على الإطلاق، فهى كانت مثل الأمراء والملكات المقدونيات.
وأضاف الدكتور زاهى حواس فى تصريحات خاصة، إذا نظرنا إلى تماثيل الملكة والعملة وكذلك منظر الملكة مع أبنها قيصرون على معبد حتحور بدندرة، لم تجد أى سمات سوداء على وجه الملكة، وإذا نظرنا على مصر القديمة لن نجد إنها حضارة سوداء، وهناك مناظر للفرعون على المقابر وهو يضرب الأعداء، وأمامه أشخاص من أفريقيا وليبيا وآسيا، وسوف لا نجد أى شبه بين الفرعون والشعوب المجاورة.
ومن جانبها أشارت سامية الميرغني مدير عام مركز البحوث وصيانة الآثار بالمجلس الأعلى للآثار سابقا، إلى أن دراسات الانثروبولوجيا البيولوجية ودراسات الحامض النووي التي أُجريت على المومياوات والعظام البشرية المصرية القديمة أكدت أن المصريين لا يحملون ملامح أفارقة جنوب الصحراء سواء في شكل الجمجمة وعرض الوجنات والأنف واتساعة وتقدم الفك العلوي ولا في الشكل الظاهري للشعر ونسب أعضاء الجسد وطول القامة وتوزيع وكثافة شعر الجسد. وأن مانراه من تنوع كبير بين ملامح المصريين يرجع لقدم إعمار هذه الأرض واستقرار سكانها وإذابتهم لكل غريب داخل بوتقتهم.