كتبت\هبه عبدالله
انعقاد دائم لمجلس جامعة الدول العربية، منذ اندلاع الشرارة الأولى في السودان، في الشهر الماضي، ليبدأ معها أعماله، في 16 أبريل، بينما استأنفها أمس الاثنين، وذلك لمناقشة الأوضاع الراهنة وتداعياتها السياسية، وإيجاد السبل لوقف إطلاق النار، والحوار بين طرفي النزاع، بينما أعلنت العديد من المبادرات، ربما أبرزها النداء الإنساني، الذي أطلقه الأمين العام أحمد أبو الغيط، لتطبيق الهدنة، خلال أيام عيد الفطر، وكذلك اتخاذ القرارات الداعية لإنهاء الأعمال القتالية وذلك للحفاظ على سلامة وأمن المواطنين، و الأجانب القاطنين على الأراضي السودانية، سواء من الدبلوماسيين أو غيرهم.
وبين السياسة ودعواتها، والجانب الإنساني ومبادراته، نجد أن ثمة حالة من التكامل، في العمل المؤسسي، داخل أروقة “بيت العرب”، عبر التركيز على الجانب الصحي، والاجتماعي، واللذين تأثرا بشدة نتيجة المعركة الدائرة، مما دفع الأمين العام إلى الدعوة لاجتماعات طارئة لمجلس وزراء الصحة العرب، ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، تزامنا مع انعقاد أعمال مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، ليصبح التعامل الجمعي العربي، مع الأزمة الراهنة في الخرطوم أكثر شمولا، بعيدا عن التركيز على الجانب السياسي وحده.
ففي قرار مجلس الجامعة العربية، في جلسته المستأنفة، والتي انعقدت أمس الاثنين، أشاد الأعضاء بجهود الدول الأعضاء في الجامعة العربية ومبادراتها الخاصة بالهدنة، وبالنداء الإنساني الصادر بتاريخ 19 أبريل عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بوقف إطلاق النار في السودان لتجنيب أهل السودان الوضع المأساوي الذي وجدوا أنفسهم فيه ولم يكونوا مسؤولين عنه ويتحملون أوزاره، كما رحبوا بدعو أبو الغيط لعقد دورة طارئة عبر تقنية التواصل السمعي البصري عن بُعد، لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، برئاسة دولة قطر، ودورة طارئة لمجلس وزراء الصحة العرب، برئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، في التوقيت نفسه الذي يلتئم فيه مجلس الجامعة على مستوى المندوبين، للتعاطي العربي الشامل مع الأزمة الراهنة وتداعياتها الإنسانية والصحية على الشعب السوداني.
وتناول القرار العديد من المشاهد الإنسانية، كاستهداف المدنيين والمنشآت المدنية وبخاصة الطبية منها، وقتل المدنيين أيًا كانت جنسياتهم، والتحذير من مغبة وتداعيات تلك الأعمال التي تؤدي إلى زيادة حدة الصراع، وتعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، كما طالب بالحفاظ على حرمة البعثات الدبلوماسية وسلامة وأمن الأطقم العاملة بها، اتساقا مع اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1961 والتحذير من أي مساس بها بما يعد انتهاكا لقواعد القانون الدولي، يتحمل مسؤوليته كل من يتورط في تلك الأفعال الشائنة، معربا عن خالص التعازى لجمهورية مصر العربية في استشهاد مساعد الملحق الإدارى بالسفارة المصرية في الخرطوم محمد الغراوى.
وعن عمليات الإجلاء، تقدمت الجامعة العربية بالشكر للسلطات السودانية لتنسيقها وتأمينها وتوفيرها الظروف المواتية لإجلاء أفراد البعثات الدبلوماسية والرعايا العرب والأجانب بسلام وحرفية في ظل ظروف أمنية معقدة، والإشادة بالجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمملكة المغربية في إجلاء رعاياها ورعايا عدد من الدول العربية وعدد من المدنيين والدبلوماسيين والمسؤولين الدوليين، وتأكيد ضرورة الحفاظ على المصالح المشتركة بين جمهورية السودان والدول العربية.
القرار يأتي متزامنا مع زيارة أجراها مبعوث رئيس مجلس السيادة السوداني، السفير دفع الله الحاج علي، والذي نقل رسالة شفهية من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إلى الأمين العام، حول تطورات الوضع الجاري في السودان بما في ذلك الوضع العسكري على الأرض والتحديات التي تواجهها القوات المسلحة السودانية، مضيفاً أن المبعوث الرئاسي السوداني أكد على الأهمية التي يوليها السودان لتفهم ودعم الدول العربية والجامعة لمجريات الأمور في بلاده وحاجته إلى الدعم العربي للمؤسسات الشرعية فيه وبما يؤدى إلى استعادة الاستقرار.
يقول الحاج إن زيارته للقاهرة تعكس استراتيجية العلاقة مع مصر، حيث التقى الوزير سامح شكري، للتأكيد على اهمية مصر بالنسبة للسودان، مؤكدا أن المجلس السيادي في السودان هو الجهة الشرعية، وأن القوات المسلحة استطاعت السيطرة على الاوضاع، بينما تحتمي قوات الدعم السريع في الشوارع والمنازل وبعض المستشفيات، ملقيا باللوم عليهم فيما آلت إليه الامور من اوضاع انسانية صعبة.
وأضاف في مؤتمر صحفي في أعقاب لقاءه بأبو الغيط، على أهمية أن تقوم بدور، إلى جانب الاتحاد الإفريقى، في الوصول إلى هدنة إنسانية وكذلك الدول التي اقترحت هذه الهدنة، مشيرا إلى أنه أطلع أبو الغيط على تطورات الأوضاع بالسودان.