كتبت\هبه عبدالله
تحتل المدينة المنورة أو الملقبة بـ”الحبيبة”، مكانة كبيرة فى قلوب المسلمين فهى من أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة المكرمة، مما يجعلها إحدى الوجهات الرئيسة لملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، ففيها أول مسجد أُسس على التقوى، ومسجد خير البرية خير مكان يقصده الناس؛ أسس النبى الكريم بنيانه، فكان مركز الدعوة الأول والمنارة التى انطلق منها نور الإسلام.
ولذا كانت مساجد المدينة فى أولوية خطة تطوير مساجد المملكة التى أطلقها ولى العهد الأمير محمد بن سلمان والمقرر الانتهاء منها فى 2030، ويبلغ مجموع المساجد التى ستخضع للتطوير فى المرحلة الثانية من مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية 30 مسجدًا موزعة على جميع مناطق المملكة، وسيتم تطويرها وفق آليات حديثة تضمن تكامل سلامة المواد والتصاميم المعمارية بعد إجراء تقييمٍ دقيقٍ لتاريخ كل مسجد وخصائصه ومزاياه.
التوسعة الكبرى
وبالنسبة للمدينة المنورة، فقد تجلت الاهتمامات بها فى إتمام أكبر توسعة فى تاريخ المسجد النبوى لرفع طاقته الاستيعابية إلى مليونى مصلٍ مع نهاية أعمال المشروع، ليمثل حدثًا إسلاميًا عظيمًا، وما يحظى به ضمن رؤية السعودية 2030 التى تهدف لإتاحة الفرصة لأكبر عددٍ ممكن من المسلمين لزيارة المسجد النبوى للصلاة فيه والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم، من خلال تهيئة المسجد النبوى، وتحقيق رسالة الإسلام وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وإتاحة أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم لمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وعكس الصورة المشرفة والحضارية للمملكة فى خدمة الحرمين الشريفين.
وامتد التطوير ليشمل المساجد التاريخية والمواقع المرتبطة بالسيرة النبوى، وأعلن الأمير محمد بن سلمان إطلاق أكبر توسعة فى تاريخ مسجد قباء، وتطوير المنطقة المُحيطة به، ووجه بتسمية المشروع باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.
ويهدف مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء وتطوير المنطقة المحيطة به، الذى بدأ العمل به، إلى رفع المساحة الإجمالية للمسجد لـ 50 ألف متر مربع بواقع 10 أضعاف مساحته الحالية، وبطاقة استيعابية تصل إلى 66 ألف مصلٍ، إذ يُعد المشروع أكبر توسعة فى تاريخ مسجد قباء مُنذ إنشائه فى السنة الأولى من الهجرة.
مساجد المدينة
وفى سياق تلك العملية التطويرية، حظيت مساجد منطقة المدينة المنورة باهتمام مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية فى مرحلته الثانية، حيث ضم أربعة مساجد بالمنطقة، بهدف الحفاظ عليها وإعادتها لأقرب صورة إلى حالتها الأصلية، فضلًا عن الحفاظ على خصائصها الوظيفية، واستعادة رونقها وجمالياتها القديمة.
وتستمد المساجد التاريخية بمنطقة المدينة المنورة أهميتها من ارتباطها الوثيق بالسيرة النبوية الشريفة، وعدد من المواقع المرتبطة بالفترة الإسلامية، كمحافظة العلا التى تضم بين جنباتها آثارًا عديدة، ومن أبرز مساجد المدينة المستهدفة بالتطوير مسجد بنى حرام الذى لا يبعد عن المسجد النبوى الشريف أكثر من 1.68 كم، وهو من المساجد التى صلى النبى -عليه الصلاة والسلام- فى موضعها، وكان بناؤه الأول من حجارة الحرة البازلتية المنقوشة، ويهدف المشروع من تطوير المسجد ملاءمة المتغيرات الطارئة عليه بين الحقب التاريخية القديمة والحديثة، وتبلغ مساحته قبل الترميم 226.42 م²، وتزيد بعد التطوير 10 أمتار مربعة، فيما تقف طاقته الاستيعابية عند 172 مصليًا قبل التطوير وبعده.
وجوار قلعة موسى بن نصير التاريخية على الطريق الرابط بين مدينة العلا والحجر، تمتد أيادى التطوير إلى مسجد العظام الذى يعود تاريخه إلى عهد النبوة، إذ أن النبى -صلى الله عليه وسلم- مَن حدد قبلته بعظام، وذلك فى طريقه إلى غزوة تبوك فى السنة التاسعة للهجرة، وتبلغ مساحته 773.34 م²، وسيتسع لـ580 مصليًا بعد أن كان غير مستخدم.
وفى وسط بلدة خيف الحزامى بوادى الصفراء، التابعة لمحافظة بدر بمنطقة المدينة المنورة، سيخضع مسجد خيف الحزامى، أو مسجد الأمير رضوان، كما يطلق عليه البعض للتطوير، وهو من بناء أمير الحج المصرى رضوان الفقارى، وكان ذلك خلال أواسط القرن الحادى عشر الهجرى، وستُطبق على المسجد أساليب تعكس روابط الأنماط البنائية القديمة للمنطقة بالأساليب المعمارية الحديثة، كما ستزداد مساحته بعد الترميم من 527.94 متر مربع، إلى 603.35 متر مربع، فيما ستصل طاقته الاستيعابية 180 مصليًا بعد أن كانت مقتصرة على 150 مصليًا فقط.
وشمال شرق المدينة المنورة بنحو 102 كلم، يسافر مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير مسجد القلعة التاريخى الذى يزيد عمره علىُ 100 عام، ويكتسب أهميته لوقوعه فى منتصف حى القلعة التاريخى ببلدة الحناكية، وكان يُسمّى مسجد حمد بن سميحة نسبة إلى أمير البلدة، وتبلغ مساحته قبل الترميم 181.75 متر مربع وسترتفع بعد التطوير إلى 263.55 متر مربع، وستصل طاقته الاستيعابية 171 مصليًا بعد أن كان غير مستخدم.