كتبت\هبه عبدالله
شهدت أمريكا اللاتينية عودة لليسار فى عام 2022، والذى تصاحبها انعكاسات خارجية متباينة، سواء بالنسبة لعلاقات تلك الدول التي شهدت صعود تيار اليسار، مع القوى الدولية الرئيسية.
ومرت كل من كوستاريكا وكولومبيا والبرازيل ، انتخابات رئاسية فى عام 2022، وهى التى اعطت دفعة قوية لليسار مجددا، المعروف بهيمنته على القارة اللاتينية، وذلك بعد فترة ليست كبيرة من الصراع بين اليمين واليسار على السلطة، ولكنه استطاع التغلب فى النهاية على اليمين للسيطرة على المشهد السياسى فى بعض الدول وذلك بسبب المشاكل الاقتصادية وتزايد فضائح الفساد والاضطرابات الاجتماعية ، وتجلى ذلك فى العديد من الاحتجاجات وتوطد ذلك جائحة كورونا.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه 11 من أصل 12 انتخابات رئاسية اكتملت فى أمريكا اللاتينية منذ 2019 كان التصويت لتغيير الحزب الحاكم، باستثناء نيكاراجوا التى شهدت انتخابات فى نوفمبر الماضى، حيث تمكن الرئيس دانييل أورتيجا من إعادة انتخابه بعد أن قامت حكومته بسجن منافسين محتملين.
وقال أستاذ السياسة الدولية بجامعة ولاية ريو دى جانيرو، إن هناك استياء عام من الطبقة السياسية والذى ينتهى به الأمر إلى دفع الفاتورة هو الحزب الحاكم، ويمكن أن تكتمل صورة السخط هذه فى عام 2022 مع ثلاثة انتخابات فى المنطقة، اثنتان منها فى أكثر البلدان اكتظاظًا بالسكان فى أمريكا الجنوبية، البرازيل وكولومبيا.
وتعتبر سياسة واشنطن العامل الأول لصعود اليسار فى أمريكا اللاتينية، حيث إن مواطنى وساسة الدول اللاتينية بدأوا يدركون أن اهتمامات الجار الأكبر فى قارتهم باتت تقتصر على ما يهم المصالح الامريكية وليس المصالح المشتركة، فاهتمامات واشنطن تكاد تتركز فى مكافحة المخدرات، وتأمين الممرات المائية الاستراتيجية لسفنها وناقلاتها، ووارداتها من المعادن والثروات الطبيعية، وحماية وتعزيز مصالح الشركات الأمريكية، ومواجهة أى توجهات يسارية تظهر فى دول القارة تراها واشنطن.
وكانت تشيلى احتفلت بفوز مرشح أقصى اليسار جابريال بوريك، البالغ من العمر 35 عاما فقط، انتخب مرشح اليسار التقدمى جابريال بوريك رسميا، ليحقق بذلك الائتلاف اليسارى الذى ينتمى إليه الحزب الشيوعى انتصارا ساحقا فى هذه المواجهة الانتخابية غير المسبوقة منذ العودة إلى الديمقراطية فى عام 1990 بين مرشحين لديهما مشاريع اجتماعية متعارضة تماما.
وحصل المرشح الشاب جابريال بوريك على 56% من الأصوات مقابل 44% لمنافسه اليمينى المتطرف خوسيه أنطونيو كاست بعد فرز أكثر من 99% من مراكز الاقتراع.
كوستاريكا
تُخب المحافظ رودريجو تشافيز المسؤول السابق في البنك الدولي، فى فبراير الما ضى، رئيساً لكوستاريكا لولاية تمتد أربع سنوات، في دولة تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية لكنها من بين الأكثر استقراراً في أمريكا اللاتينية.
وأقرّ المرشح الوسطي خوسيه ماريا فيجيريس بفوز تشافيز الذي حصل على 52,9% من الأصوات مقابل 47,1% لمنافسه، ودُعي نحو 3,5 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في هذه الدولة الصغيرة.
ووعد تشافيز البالغ 60 عاماً، بإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهها كوستاريكا وعلى رأسها الدين الخارجي الذي يعادل 70% من الناتج المحلي الإجمالي ونسبة الفقر التي بلغت 23% ومعدل البطالة الذي بلغ 14% وفضائح الفساد في القطاع العام.
كولومبيا
جرت الانتخابات الرئاسية الكولومبية فى 29 مايو ، وفاز فيها اليسارى جوستافو بيترو ، وهو اقتصادى ومقاتل سابق ورئيس بلدية بوجوتا السابق، عقب حصوله على 50.48% من أصوات الناخبين في الجولة الثانية من الانتخابات التي جرت في 19 يونيو الجاري (2022)، متفوقًا على منافسه رجل الأعمال رودولفو هيرنانديز، الذي حصل على 47.26% من الأصوات، تزداد التوقعات بأن يكون هذا الانتصار الانتخابي مقدمة لتغيير أعمق في المشهد السياسي في أمريكا اللاتينية، وأن يُفضي إلى إعادة صياغة العلاقات الكولومبية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ويعتبر فوز بيترو فى نهاية المطاف سيكون بمثابة أمر غير مسبوق: المرة الأولى التى يتم فيها انتخاب مرشح يسارى رئيساً لكولومبيا، ومع ذلك، يمكن للبلاد أيضًا الالتفاف على الاستقطاب بين اليسار واليمين الذى كان موجودًا فى انتخابات أمريكا اللاتينية الأخيرة.
ويبدو اليمين الكولومبى بقيادة الرئيس السابق ألفارو أوريبى منهكًا بعد حكومة دوكى وقد يضطر بترو إلى التنافس مع مرشح من الوسط مثل عمدة ميديلين السابق سيرجيو فاجاردو والاقتصادى أليخاندرو جافيريا أو السناتور السابق خوان مانويل جالان.
البرازيل
عاد اليساري لولا دا سيلفا إلى رئاسة البرازيل بعد تفوقه على منافسه الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية.
فبعد حملة مثيرة للانقسام شهدت تنافسًا بين خصمين لدودين على طرفي نقيض من الطيف السياسي، فاز لولا بنسبة 50.9 % من الأصوات.
وفاز الرئيس البرازيلى ، لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، فى أكتوبر الماضى ، ويمثل انتصار لولا رفضا للشعبوية اليمينية المتطرفة التي يجسدها الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي كان مدعوما من تحالف يميني واسع، ولكن شعبيته عانت من تعامله مع تفشي كوفيد-19، حيث أظهرت البرازيل واحدة من أكبر الخسائر في العالم بعدد الوفيات.
ويعتبر الرئيس البرازيلى، لولا دا سيلفا، الأمل الوحيد لرئة الارض، خلال فترة رئاسة لولا الأولى، من عام 2003 إلى عام 2010 ، تم تقليل إزالة الغابات في الغابات المطيرة البرازيلية إلى حد كبير، وتعهد بالقيام بذلك مرة أخرى.
بعد لقائه مع العديد من الحكام البرازيليين ، بما في ذلك حكام ولايات الغابة مثل أمازونيا وبارا، ألقى لولا خطابًا قصيرًا أمام الحشد، وقال لولا دا سيلفا وسط تصفيق “نعلم أننا سنخوض معركة كبيرة ضد إزالة الغابات.”
ويرى الخبراء أن فوز لولا فى البرازيل وبيترو فى كولومبيا سيعطى دفعة جديدة لليسار فى أمريكا اللاتينية، ليس فقط بسبب الوزن النسبى لهاتين الدولتين.