أخبار عاجلة

خلال ندوة نظمتها وكالة أخبار المرأة : إعلاميات عربيات يطالبن برفع الوصاية الذكورية عليهن في وسائل الإعلام العربية

في إطار مجموعة “ملتقى الإعلاميات العربيات” التي أنشأتها وكالة أخبار المرأة على الواتساب، والتي تضم عددا هاما من ألمع الإعلاميات في الوطن العربي، تم تنظيم ندوة الكترونية دامت ثلاثة أيام لمناقشة موضوع “أين تكمن مواطن التهميش والتمييز للإعلاميات في وسائل الإعلام؟”. هذا الموضوع الشائك الذي يهمّ الإعلاميات بشكل عام فتح الباب لحوار ساخن وثريّ، حاولت جميع الأطراف المشاركة فيه أن توضّح المسألة من منظورها وتبرز مواطن الضعف ومواطن القوة في إعلامنا العربي في علاقته بالإعلاميات. 
وإفتتحت الندوة بكلمة ترحيبية لوكالة أخبار المرأة، مؤكدة على أهمية هذا الملتقى في مناقشة كل ما يهم الإعلاميات العربيات من بعيد أو من قريب. ثم طرح موضوع النقاش بسؤال في غاية الأهمية:
أين تكمن مواطن التهميش والتمييز للإعلاميات في وسائل الإعلام (المكتوب – التلفزيوني – الإذاعي – الإلكتروني)؟

 وكانت أول مداخلة مع الأستاذة ميس أورفه لي (سوريا) التي قالت: “أعتقد أن موضوع تهميش المرأة ليس مرتبطا بالإعلام إن كان مكتوبا أو تلفزيونيا أو إذاعيا، إنما هو مرتبط بمنظومة إدارة المؤسسة الصحفية التي تدير هذه المؤسسة والذهنية وآلية العمل ومستوى ثقافة العمل وعدم التمييز بين الرجل والمرة في المجتمع الذي تعمل به”.
 

تلتها مداخلة الدكتورة نور الزيني (مصر) التي قالت فيها: “أنا أرى أن الإعلاميات العربيات مازلن لم يأخدن حقوقهن في مراكز قيادية، ولعلّ أقرب مثال على ذلك نجده في تساؤلنا “كم عدد رؤساء التحرير السيدات أو رؤساء القنوات السيدات أو رؤساء النقابات الصحفية؟” الإجابة هي أن العدد قليل جدا بالنسبة إلى وجود إعلاميات متميزات في كافة المجالات من اقتصاد وسياسة وتكنولوجيا المعلومات  فالسيدات مرتبطات في كثير من الأذهان بمجلات life style.”
الأستاذة حنان كرامي (المغرب) تحدثت عن واقع المرأة المغربية بشكل عام إذ قالت: “وفي  نظري، أرى بصفة خاصة أن تهميش المرأة بحدّة موجود في القرى النائية وأنها محرومة من أبسط حقوقها وهي محتقرة أيضا من المجتمع، بالإضافة إلى الرجل الذي يعتبرها فقط منتجة ومكانها في البيت لتربية الأبناء ومساعدة الزوج في جمع الحشائش وغير ذلك. أما المرأة بالمدينة فالحمد لله لها مكانتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأصبحت فاعلا تقوم بأدوار مهمة وقوية. بالإضافة إلى أن الإعلام ساهم بشكل كبير في توعية المجتمع حول الدور البارز للمرأة والتغيير الملحوظ الذي حصل لها، وأتحدث هنا من واقع مغربي.”
الدكتورة رندة عمايرة (الأردن) أكدت من جهتها أن “الإعلام سابقا كان يعتمد سياسة التهميش للمرأة قبل عشرين عاما أما الآن فإن هناك المرأة المتميزة ذات الكفاءات العالية من التعليم والإرادة، والتي أثبتت وجودها أمام الجميع لكفاءتها، فلم يعد هناك أي سبيل لتهميشها لأنها أثبتت جدارتها وقدرتها وكفاءتها وأصبحت تواكب الرجل بكل مهامه، بل وبعض مهام التلفزيون المرئي والمسموع يفضلون المرأة على الرجل وهذا تغيير جيد وجميل بحق المرأة وأنا أتحدث عن الأردن ووضع الإعلام به. 
أما الأستاذة الثريا رمضان (تونس) فلقد أكدت أن المرأة لا تعاني من  التهميش في مجال الإعلام بل إنها صارت تحتل مراكز ووظائف هامة في الإعلام مردفة: “غير أن ما يحز في نفسي فعلا هو استخدام المرأة كوسيلة إعلانية في الصحف الصفراء باعتبارها مجرد جسد ووجه جميل مما يجعل منها مجرد وعاء بلا روح ولا عقل. وهذا لا ينطبق فقط على العالم العربي ذلك أن صورة المرأة في التجارة تخدم عمليات التسويق بشكل لا يليق بقيمتها الفكرية.”

الدكتورة موهيبة خليل (فلسطين) أبرزت أهمية المرأة الإعلامية العربية حيث قالت: “كوننا مجموعة تضاهي كل من حولها وقوتنا أننا نمثّل الإعلام، علينا مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع العربي بظروفه الصعبة، وبالتالي فمن المفروض أن نقوم بتوعية شاملة للعالم العربي لما يحدث من اضطهاد ليس فقط ضد المرأة لكن ضد المجتمع العربي بشكل عام. الاضطهاد ضد المرأة هو شيء شخصي ويعتمد على حضارة وتطوير الشخص أي الشخصيه الفردية وليست بشكل عام، فهي حضارية وتوجد في العالم الغربي قبل العالم العربي. المرأه متمكنة في كل المجالات وحقوقها مهدورة في كل المجالات. القيمة هي في تقدير الإنسان لنفسه وليس له علاقة بالجندر. في عديد من الظروف نحن لا نحترم المرء حتى لو كان رجلا.
هنا عادت كرامي لتجيب على مداخلات الزميلات:”أنا متفقة مع الصحفية التي قالت إن المرأة تحتل مراكز هامة في الإعلام، لكن هناك من يعتبرها أنها مجرد صورة إعلانية لجسدها وجمالها تعطى لها صورة نمطية للدعاية بعيدا عن فكرها الذي أصبح مركز قرار وهذا موجود في الإعلام التلفزيوني والإذاعي بصوتها العذب”.
وفي إجابتها عن مسألة اعتبار المرأة كمجرد جسد، قالت الأستاذة نرجس بديرة (تونس): “أنا غير متفقة مع فكرة أن البعض يفكر في المرأة الإعلامية كجسد، بل بالعكس لقد أصبحت الإعلامية تحتل مكانة هامة في الميدان الإعلامي وفي بعض الأحيان أكثر من زميلها الإعلامي، فثقافة المرأة الإعلامية وثقتها بمستواها وزادها المعرفي ومصداقيتها في تعاملها مع الأخبار وموضوعيتها هم الفيصل مع فكرة النظر إليها كجسد”
وكان ردّ رمضان: “الكثير من القنوات تستخدم المرأة الإعلامية لجمالها وجسدها فقط ولنا في ذلك أمثلة كثيرة منها النشرة الجوية وبعض القنوات الخاصة التي تعتمد على جميلات الشاشة بين ظفرين.”
وفي الإطار نفسه وتعقيبا على ما جاء على لسان الزميلات، قالت الأستاذة فاطمة غندور (ليبيا)في مداخلتها: “أخشى ما أخشاه تماهي وقبول الإعلامية بجعلها كما تحفة بالمتحف، لا تطوّر من أدواتها ولا تطرح نفسها عقلا ورأيا مستقلا له مرجعيته المعرفية بالإطلاع والمواكبة. فعذرا، هناك من تقدم نفسها بجمالها كمعول عليه في سوق الإعلام إن صح التعبير. يقع على المرأة الإعلامية جزء كبير من طريقة حيازتها لموقعها كيف تكون وبماذا أيضا. تخرج علينا مذيعة لا تجيد التحدث في موضوع على مسمع ومرأى المتلقين… تكرر أسطرا ممجوجة لا جديد فيها… ولكنها تحقق سبقا في مظهرها بشكل مبالغ فيه..!!!”
أبدت كرامي موافقتها لما جاء على لسان الأستاذة غندور مؤكدة أن “المظهر الإعلامي يلعب دورا مهما”
وهنا طرحت رمضان تساؤلا مهما يخص هذه المسألة : “من هي المرأة الإعلامية بالفعل؟”
فجاء أول رد من خليل كالتالي: “المرأة الإعلامية الناجحة هي من تفرض رأيها بحق على كل مستمع وتكون في غنى عن جمالها”.
وفي تدخل مطوّل للأستاذة أسيل العلائلي (أمريكا)قالت: “أولا، أنا أتفق مع فاطمة غندور ونور الزيني أن الإعلاميات العرب لم يأخدن حقهن في مراكز قيادية فالعدد قليل جدا بالنسبة إلى وجود إعلاميات متميزات في كافة المجالات. ثانيا، ميس أورفه لي ذكرت نقطة مهمة بأن الموضوع متعلق بمنظومة الإدارة لهذه الموئسسات وآلية العمل وموضوع التمييز بين المرأة والرجل في العمل. وأضيف أيضا الشركات والجهات الممولة لهذه المؤسسات الإعلامية لها دور أيضا. ثالثا على الإعلاميات أيضا العمل على كسر الصورة النمطية للإعلامية بأنها وجه وجسد مُلفت للنظر والتركيز على المضمون . رابعا،  أما بموضوع الرواتب فأيضا مازال يوجد تمييز وعدم إنصاف.  خامسا، هناك تمييز حتى في استخدام اللغة فهي مازالت ذكوريّة ويجب استخدام لغة محايدة للجنسين. سادسا، ربما يوجد عدد لا بأس به من الإعلاميات في إعداد أو تقديم برنامج، ولكن عدد الخبيرات المشاركات في البرامج مازال شبه معدوم وهذه مشكلة، فما نفع وجود إعلامية مميزة إذا كانت الصورة المنقولة عن الواقع في المجتمع ناقصة؟ فتغيّب صوت المرأة من المشاركة في الحوار وإبداء الرأي في مواضيع سياسية واقتصادية وقانونية وعلمية وغيرها من المجالات هو تغيّب صوت مهم من المجتمع. سابعا، إن المواضيع المطروحة في الإعلام ما زالت لا تتطرق إلى جانب المرأة في معالجته أو ترسخ الصورة النمطية للمرأة في المجتمع، فيجب تدريب الإعلاميات والإعلاميين على كيفية معالجة المواضيع وإضافة جانب شؤون المرأة في المعالجة. فإذا لم نعمل على تطوير الأداء الإعلامي لكسر الصورة النمطية للمرأة في المجتمع وتسليط الضوء أكثر على انجازاتها والمعوقات التي تواجهها ودعم تمكينها في المجتمع، فما نفع أن تتحسن ظروف الإعلامية داخل مؤسستها الإعلامية إذا لم تنقل صورة المرأة في المجتمع بشكل واف. 
وطرحت وكالة أخبار المرأة سؤالا أخر : “بعض الدول العربية تلجأ لإشراك تجميلي للمرأة في جوانب محددة ليس إيمانا منها بأهمية مشاركة المرأة في دائرة صنع القرار بل لرفع أسهمها لدى أمريكا وأوروبا لتجنيب أنفسها انتقادات دولية، هل هذا صحيح؟”
فكانت إجابة رمضان: “فعلا، بعض الدول تتعمد تشريك المرأة في وسائل الإعلام لهذا السبب خصوصا مع تزايد عدد المنتقدين لسياسة هذه الدول التمييزية والتي تهمش المرأة في قوانينها. فتصبح المرأة مجرد ماكينة تتبع خطا تحريريا لا تصنعه بنفسها بل هو بالأساس ذكوري”.
وفي ردّ على التدخل السابق، قالت الغندور: “مازلت أرى أن هناك خطوات جيدة تحققت للمرأة الإعلامية ولكني لم أفهم “خطا تحريريا ذكوريا” لأن هذا يحتاج رصدا للبرامج ومحتوياتها أكثر منه أخبارا وتقارير سياسية. ليس لنا أن نقول أنها ذات خط تحريري ذكوري فهو يظل خبرا يخضع للإجابة على أسئلة: من، متى وكيف يعني أن نمنح معلومة للمتلقي. أتصور على الأقل إصدار حكم من خلال وقوفي على قنوات عربية أو مواقع صحف رئيسية في مصر، تونس، قطر، لبنان… وجدت إعلاميات مسؤولات عن ما يقدمنه ويشاركن في سكريبت وإنتاج. أما أجندة أي وسيلة إعلامية فيندرج تحت مظلتها الإعلامية كما الإعلامي. ومن الصعب إنكار الدور المؤسساتي الدولي في العقدين الأخيرين، مواثيق، عهود، لوائح، معاهدات ساهمت في نهوض وتعزيز الدور حتى وإن كنت أراها دعوات نيوليبرالية قد تحلق في فضاءات، قد نحتاج وقتا لغرس الوعي وتجذير الحقوق النسوية خاصة في المدن الأطراف لدولنا قياسا بالعواصم، وأقصد بذلك أنها مؤثرة في تغيير صورة الإعلامية بشكل ما ومكسب مضاف لها.”
وإجابة على استفسار غندور، أضافت رمضان: “بالنسبة إلى مسألة الخط التحريري الذكوري فأنا قصدت خطا تحريريا يتحكم فيه الذكور ويفرضه الذكور ويخطط له الذكور حسب سياسيات تلك الدول التي تميز الذكور عن الإناث. إن الأمر مرتبط ومتشابك، فالخط التحريري عادة مرتبط بسياسة القناة التي ترتبط بانتماءات أصحابها الحزبية والسياسية. في نهاية الأمر، أعتقد أن الخط التحريري يتحكم به أصحاب القرار والدول التي أتحدث عنها أصحاب القرار فيها ذكور يمنعون المرأة حتى من قيادة السيارة.”
وعن رؤيتها حول موضوع التمييز الواقع على المرأة في الإعلام، قالت الأستاذة منى الكيال (مصر): “نجد مثلا في مصر أن جميع الجرائد القومية أو الحزبية أو المستقلة نادراً ما تتقلد فيها المرأة منصبا قياديا إلا لو كان قسم المرأة في الجريدة الذين يحصرون دورها فيه على الطبخ والموضة والماسكات الطبيعية، لكن لم نرَ رئيس تحرير سيدة إلا في المجلات المتخصصة الموجهة للمرأة أو رئيسة قناة سيدة، وبصفة شخصية فإن التمييز الذي تعرضت له في تقديم البرامج كان في موضوع الحجاب وخلع الحجاب وكأن لبس الحجاب من عدمه يحدد مدى ثقافة الانسان ذلك أنه في مصر يتم قولبة المذيعة المحجبة في تقديم البرامج الدينية، والتطور الذي حدث في هذا الأمر أنهم سمحوا لبعض المذيعات المحجبات بتقديم برامج للأسرة فقط، ولكن البرامج الثقافية، السياسية، الرياضية وغيرها بقيت حكرا أولا على الرجال وثانيا على المذيعة التي لا ترتدي الحجاب.”
وفي تفاعل فوري مع الكيال قالت الغندور:
” الأستاذة منى، ألا يتعلق الأمر، مادام هو قطاع خاص، بمبادرة المرأة لمشروعها الإعلامي؟ أي أن تترأس جريدة أو مجلة؟ عقب الثورة في ليبيا ولأول مرة ظهر لدينا رئيسات تحرير ومديرات لمؤسسات صحفية وإعلامية. لدينا سيدة رئيس قناة مسموعة. هل هناك موانع تواجه هكذا مبادرة ممن يملكن الخبرة أو الرأسمال الذي يجري توظيفه مادام مشروعا خاصا؟ ما موانع المشروع الخاص للإعلامية؟”
أجابتها الكيال: “لا يوجد موانع قانونية”
فأردفت الغندور:”ربما خريجات الصحافة أو الموهوبات ذوات الخبرة لا يرين جدوى في مشروع خاص، أقصد مكاسبه، لأن مبادرتهن جزء من إمكانية إدارتهن لصحف أو مواقع إخبارية مثلا إذا سلمنا بتكلفة قناة مسموعة أم تلفزيونية.”
وفي تفاعل لها على المسألة، قالت الأستاذة ليلى العماري (تونس): “يعتبر القطاع الإعلامي بالنسبة للمرأة الوسيلة هامة التي تستطيع من خلاله تسليط الضوء على القضايا الخاصة بها وكذلك فرصة هامة للمشاركة في بناء المجتمع، لذلك نلاحظ تواجدها في هذا القطاع منذ ظهوره في الوطن العربي وتزايد حضورها أكثر في السنوات الأخيرة لكثرة المؤسسات الإعلامية، ولكن وعلى الرغم من هذا الحضور المبكر للمرأة في هذا القطاع إلا أنها مازالت تعاني من التهميش الذي يحول دون الحضور القوي والفعال لها في هذا القطاع. هناك من يرجع هذا التهميش إلى العقلية الذكورية لأصحاب بعض المؤسسات الإعلامية، الذين ينظرون إلى المرأة على أنها غير قادرة على اتخاذ القرارات الهامة التي من شأنها أن تأثر في المجتمع مما يؤدي إلى إقصائها من مراكز القرارات، وإبقائها محاصرة في إطار فضاء اجتماعي محدد سلفا وفق معايير مغلوطة. فهذه المؤسسات الإعلامية ليست سوى امتداد لمنظومة اجتماعية، ثقافية تراكمت تفاصيلها عبر قرون كثيرة. كما أن هناك بعضا من وسائل الإعلام التي تعمل على تسليع وتشييء المرأة واستغلالها لتحقيق الأرباح التجارية. لكن هذا لا يعني انه لا توجد بعض النماذج الناجحة لإعلاميات عربيات تمكنّ من أخذ مكانتهن في الساحة الإعلامية وسط مجتمع ذكوري. لذلك أنا شخصيا أؤمن أن المرأة الإعلامية هي من تخلق فرصها في الساحة الإعلامية وليست المؤسسة الإعلامية، حيت تستطيع الإعلامية أن تتخطى العقلية الذكورية التي ترسخ فيها صورة نمطية عن دور المرأة في المجتمع العربي، وتقديم نفسها بشكل نوعي يفرض على الجميع استيعابها وذلك بأن تشعر بأهمية نفسها وكيانها، وتعمل على بناء نفسها وتطوير فكرها لبناء قوة علمية ومعرفية تمنحها الأولية لتفرض نفسها على الواقع بتميزها وكفاءتها لا بجمالها وجسدها. لذلك فأنا أرى أن المرأة بصفة عامة والإعلامية بصفة خاصة إذا ما حققت القوة العلمية والمعرفية والكفاءة الذاتية والثقة بالنفس فستتخطى كل الحواجز والصعوبات وستأتيها الفرص دون أن تذهب اليها.”
وفي الإطار نفسه، أضافت الأستاذة سمر سالم (مصر): “أنا من رأيي أن الإعلامية في وطننا العربي تعاني لكي تثبت نفسها وتجد لنفسها مكانا. وفي مجال الميديا هناك مواصفات تضعها بعض القنوات قي اختيار المذيعات منها عنصر الجمال وكأنها موديل.  طبعا لا أعمم ولكن قطاعا كبيرا يعتمد على ذلك، وفي مجال الأدب أيضا ألاحظ من خلال تواجدي فيه أن هنالك انطباعا ان الكتابات النسائية سطحية أو تعتمد فقط على الرومانسيات وهذا غير صحيح بالمرة.”
وزيادة في التعمق في الموضوع الرئيسي للندوة، اقترحت العلائلي: “أقترح أن يكون السؤال التالي هو: ما الذي يمكن فعله لمساندة وصول المرأة الإعلامية إلى مراكز أعلى ولمساعدتها لتخطي هذه الحواجز أو العقبات لكي تقوم بعملها بشكل أفضل يرضي طموحها ويكون دورها فعالا أكثر في أداء مهنتها وفي المجتمع؟ (صحيح يوجد بعض من النماذج الناجحة والتي تخطت عقبات كثيرة ولكن الأكثرية من الإعلاميات لم يأخذن حقهن بعد.)”
وعلى ضوء هذا السؤال أجابت رمضان: “ربما هذا السؤال مرتبط بالبلدان التي تعمل فيها الإعلامية. لتصل الاعلامية الى مراكز السلطة تحتاج لتغيير سياسة تمييزية تحكم الكثير من الدول العربية. هذه السياسة التي يربطونها عادة بالعقلية التي تفرض سلطة الذكور على الإناث. أرى أنها بالأساس مسألة سياسية وليست مرتبطة بالعقلية المجتمعية وإنما هو مجرد حائط يتكئون عليه لتثبيت هذا التمييز.”
وفي تدخل لها في النقاش الذي عرف تفاعلا كبيرا وهاما، قالت الدكتورة مروة كريدية (أمريكا): “إذا ما أردنا أن نحلِّل ظاهرة الاضطهاد أو التمييز ضد المرأة بما فيها الإعلامية بطبيعة الحال، فلا بدَّ أن ندرسها من خلال سياقها الفكري العام، لأن أشكال التمييز (المباشر أو غير المباشر) الممارَس ضدها ليست إلا صورًا منعكسة للعنف الممارَس ضد الإنسان بعامة. من وجهة نظري لا يمكن أن نتكلم عن المرأة الإعلامية في منظومة سياسية تخضع الإعلام لرقابتها وتسيطر عليه، وفي الأنظمة (الديكتاتورية) وفي بعض الأحيان غيرها وجود المرأة للزينة ليس إلا. للأسف معظم المجتمعات تعاني من العنف والاضطهاد، فالرجل يتعرض للعنف أيضًا من قبل “السلطة”، وشتى الشرائح المجتمعية ترزح تحت وطأة القمع العنيف، المنظَّم منه وغير المنظم. حتى الأنظمة الحاكمة في الدول التي توصف بـ”الضعيفة” ترزح تحت سيطرة إدارات الدول التي توصف بـ”القوية” وهيمنتها وعنفها، تلك الدول التي تمنح لنفسها الحق الحصري في تقرير مصائر الشعوب وخياراتها، بدءًا من التأديب والحصار الاقتصادي، وصولاً إلى الاحتلال العسكري. إن أشد أنواع العنف المولَّد هذا وأقساه يقع قطعًا على الحلقة الأضعف في المجتمع “الذكوري”: الطفلة الأنثى. فالعنف الممارَس ضد النساء والأطفال حلقة من سلسلة طويلة من أشكال العنف الموجَّه ضد الإنسانية، بل وضد الطبيعة الكونية؛ وهي أمور تنذر بكوارث حقيقية ما لم نسارع إلى تحرير عقولنا من شتى أنواع القيود وإلى نبذ العنف، بأنواعه كلِّها، وعلى مستوياته كلِّها أيضًا. إن أزمة الحرية في مجتمعاتنا ترتبط وقبل كلّ شيء بالوعي فلا يمكن أن نتكلم عن حقوق للمرأة في مجتمع تغيب عنه حرية وأبسط حقوق الكائن المسمّى إنسانًا. عندما يتحرر الوعي في المجتمع ويعي الانسان إنسانيته بالدرجة الاولى فإن حرية المرأة وحقوق الطفل وغيرها من المفاهيم تكون تحصيل لأمر حاصل. كما أنّ العلاقة وثيقة بين غياب الديمقراطية الذي هو أحد اوجه العنف الموجه ضد الانسان وبين تشكّل الوعي والهوية عند الإنسان، حيث أن مفهوم السلطة في الدول المتخلفة يتأسس على مبدأ الهيمنة والسيطرة، على من يُصنَّف أنه أضعف، ومبدأ الهيمنة هذا قائم على تحكّم من يمسك بزمام السلطة، الذين هم الرجال في واقعنا لأن مجتمعاتنا أبويّةٍ ذكورية، وهم من يتحكمون في وسائل الإنتاج المادي والمعنوي، وهم من يحتكرون عادة وسائل العنف الفيزيقي المباشر والرمزي والمعنوي والديني. الرجال يحتكرون السلطة لأنها تعني الهيمنة بالنسبة لهم، أما عندما يكون مفهوم السلطة مرتبط بخدمة الانسان فإن الدولة تحمل مفهوم “التدوال” وهي بالنسبة إلى مواطنيها تلك الجهاز الحامي لهم والمدافع عن حقوقهم، ويصبح العمل السياسي ليس امتلاكًا وتحكمًا وهيمنة بل يرتبط بالخدمة والعمل والمشاركة في صنع القرار الخادم للإنسان والمدافع عن حقوقه. والسؤال الحقيقي العميق الذي يمكن أن نطرح: هل نريد استبدال هيمنة “الرجل” وقمعه بهيمنة “المرأة”؟ أم أنه ينبغي علينا أن نُطور الوعي الإنساني في اتجاه مفهوم “السلطة” و”الدولة” والعمل السياسي نفسه؟ إن عملية استبدال “هيمنة” بـ”هيمنة أخرى لا يخدم الانسان. المطلوب هو أن نعي جيدًا أننا كأفراد أحرار بناؤون في مجتمعاتنا لنا حقوقنا الفطرية التي لا يحق لأحد أن ينتزعها منّا سواء كنا رجالا أم نساءً أم أطفالا، ويحق لنا بإنسانيتنا أن نشارك في عملية صنع القرار. ولا أحبذ تخصيص المرأة برأي أو برنامجٍ خاص في وسائل الإعلام المتنوعة كما أفعل الآن، فهذا التخصيص من وجهة نظري يكرس مبدأ الفصل في الفكر الإنساني. تحدث كثيرون باسم المرأة وحقوقها والعنف يطفح من نفوسهم وسلوكهم! وتحدث آخرون عن الحرية وهم طالما تذللوا أمام جلاديهم! شُيدت جمعيات نسائية كثيرة، وبنيت لأجل المرأة صروح كبيرة، غير أنها كانت كمعتقلات فكرية أدخلتها في خرم معتقد ضيق أو موقف منحاز! وإن كنت أسجل تحفظي على كل المواقع الالكترونية والمجلات التي تدّعي أنها تهتم بشؤون المرأة فيما هي في الحقيقة تُغرق صفحاتها بالإعلانات الاستهلاكية التي تكرس دونية النساء وفي ظلّ فوضى الإعلام المضلل!”
خليل أضافت على كلام كريدية بقولها: “حقوق المرأة قسم صغير من جميع المشاكل والصحافة والإعلام لديها دورها ومن الممكن أن نؤثر في انطلاقة إعلامية دولية، كل واحدة منا تعطي الموضوع في الإعلام أهميته وبهذه الطريقة نستطيع ايصال ما لم يقدموه لنا للأجيال القادمة. أرجوا مناقشة الموضوع وأهميته: هدر حقوق الإنسان العربي في المجتمع العربي هذا العنوان وكيف نعالج التقدم العربي بشكل عام”.
واصلت كريدية كلامها: “فانظر إلى صورة الإعلامية في وسائل الإعلام والمجلات المسماة نسائية إنها تسوق صورة المرأة السليكونية، الصورة النمطية للمرأة المستهلكة. انظروا إلى شاشاتنا وإعلامياتنا الممتلئات بالبوتكس. هل هذا ما نريده؟ بلدان عربية تتغنى بما يسمى بالحريات وهي بعيدة عنها كل البعد. هل يسمح بظهور إعلامية على شاشاتها يزيد وزنها عن 70 كلغ مهما علا شأنها وكانت خبرتها؟ إنه إعلام القمامة الذي يسوق ثقافة الطاعة.”
ومواصلة للنقاش قالت العلائلي: “حقوق المرأة هي حقوق الإنسان و حين تُمارس المرأة حقوقها وتستعيد ما سلب منها، يستفيد المجتمع كله ويرتقي ويتحرر”.
وتواصل النقاش حول النقطة نفسها، إذ أردفت خليل: “مشاكل الإعلاميات هي من مشاكل المجتمع الذي نعيش فيه وفرض آرائه على الإعلام العربي والمرأة بشكل عام. نحن كإعلاميات نملك كل الإمكانيات لتحريك وتغيير المشهد. شاركوني الرأي فأنا مثلا في استطاعتي أن أكتب وأعمل على الإعلام بطريقتي الخاصة، لكني لم ولن ألقى دعما أبدا من أي إعلامية أبدا، للأسف حتى في أوروبا.”
وتتمة لكلامها، أضافت كريدية: “إنها الكارثة أن نقيس الإبداع في مجتمعاتنا العربية بمدى ما نحققه من نجاحات مادية وإطلالات مجتمعية في حين نخفق كل الإخفاق على مستوى العلاقات الإنسانية والأسرية.  وفيما تفخر السيدة الغربية بأمومتها، مازالت الأم العربية تخفي خبر حملها عن مديريها خشية أن تفصل من عملها، وفي وقت مازالت التشريعات العملية في الدول النامية لا تمنح الأم أبسط حقوقها نجد أن السيدة في البرلمان الأوروبي تشارك في عملها السياسي ورضيعها يرافقها، وفيما تُحرم الإعلاميات العربيات من مناصبهن لمجرد كيلوغرامات اكتسبنها أثناء الحمل فتعرض الواحدة منهن نفسها للخطر الشديد جراء حمية قاسية فور الإنجاب، نجد إعلاميات كبرى الفضائيات الأوروبية يتألقن بكل ثقة وهن حاملات. فلنحترم إنسانيتنا كسيدات أولاً ونفرض حضورنا ونكفّ عن استجداء المطالب من مجتمعات ذكورية احترفت ممارسة الفوقية، فلسنا بحاجة لاعتراف أحد بإنجازاتنا والتي من أهمها الإنجاب ورعاية مواليدنا، فالثقة بالنفس وتقدير الذات سرّ التألق ومكمن كل إبداع.”
وردا على كريدية، قالت خليل: “دكتوره مروى، في الغرب توجد مشاكل أخرى تواجهها المرأة ويتكلمون عن المجتمع وكأن المرأة الأوروبية متحررة وهذه شائعة مغلوطة بكل معنى الكلمة. من حق المرأة الحامل أن تظهر في الإعلام بشكلها الطبيعي حتى في الغرب هي مسألة نسبية جدا فهي تواجه تحديات. أعيد وأكرر أن الاحترام المتبادل هذه ثقافة شخصية وتطور شخصي ليس له في مجتمعنا أو المجتمع الأوروبي أي صلة. من المفروض أن الإعلاميات العربيات يوافقن على صيغة موحدة في شروطهن ومطالبهن وأن يثبتن قدراتهن المهنية والثقافية والتطورية على المجتمع وعدم التركيز على المجتمع العربي بالمقارنة مع المجتمع الغربي. أنا أعيش في الغرب وألاحظ أشياء الشرق يعترف بها لصالح المرأة بعكس المجتمع الغربي.”
ففتحت هنا كريدية الباب لتساؤلات أخرى: “أخيرا هذا التساؤل: أليس من الأجدى بناء مدرسة “لمحو الجهل والأمية” في الصومال عوضًا عن إطلاق “استراتيجية إعلامية” ضخمة؟ أليس من الأفضل مسح دمعة “أمٍ ثكلى” فقدت أبنائها في زنازين “السلطات” ورفع الظلم عنها بقانون يمنع حبس “القاصر” وتعذيبه بدلا من الحديث عن “سياسات منظمة المرأة وإحداثياتها؟ أليس من الأفضل إرسال متطوعات متخصصات وإنشاء مخيمات ميدانية للتوعية الصحية في مناطق النكبات بدلا من إنفاق ميزانية ضخمة في مؤتمرات لملئ “الأجنحة الملكية في فنادق السبعة نجوم”! أسئلة لا تحصى، نعم! غير أن هذه المؤتمرات لا تشكّل أكثر من عملية نفاق فكريّ وتواطئ سياسي، تكاد تكون توصياتها أشبه بآثام تطلق بحق الانسانية وهي في أحسن الأحوال مجرد تبريرات للمكانة المتدنية للمرأة العربية القائمة على أساس نقصان “العقل” والدين”، وهي لا تغدو أكثر من مدائح متبادلة بين زوجات الرؤساء الأكارم يبخرن من خلاله سلطة “أزواجهن”!
وختمت الأستاذة سمية آلخير (السعودية) الندوة بتدخّل قالت فيه: “أعتقد أن المرأة الإعلامية   بإمكانها إنجاز صناعة التغيير  من خلال حركتها داخل مجتمعها مهما كانت حركتها محدودة وإذ لا يجب الاقتناع أن الرجل صنع لها هذا الخط الذي يجب أن تمشي عليه في سائر حياتها عامة وفي مجال الإعلام خاصة أو أن القوانين في هذه الدولة العربية أو تلك ليست في صالحها. إن الركون إلى ذلك يعني توقف وتعطل المسيرة عند هذه النقطة كما أن حراكها الإعلامي المطلوب وهي ممثلة لها ومتحدثة عن همومها يسهم في تغيير القوانين التي من المفترض أن  تنمو حسب الاحتياجات التي تستجد في مجتمعاتنا بصورة أسرع، عبر تبني تحليل تبعات الأحداث حولنا ومدى تأثيرها على المرأة خاصة في أماكن النزاعات والنقاط الساخنة، من خلال حركة إعلامية جماعية متعددة الوسائل وموازية له يتم تنسيقها عبر مبادرات محلية وإقليمية وصولا للعالمية للطرق بصوت عال حتى نستطيع إنجاز التغيير المطلوب.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *