كتبت\هبه عبدالله
إدراكا لمخاطر التغيرات المناخية وتبعاتها السلبية على الموارد الاقتصادية، تحرص مصر على الحفاظ على المنظومة البيئية وصون الموارد الطبيعي وهو ما يتجلى في تضافر جهود كافة الوزارات وأجهزة الدولة لتوفير مقومات التحسين البيئي من منطلق تحقيق الاستدامة البينية، وتنمية الاقتصاد الأخضر.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى قيام وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ووزارة البيئة بإعداد دليل معايير الاستدامة البيئية، وطرح الإصدار الأول عام 2021 تحت مسمى الإطار الاستراتيجي للتعافي الأخضر، وذلك بهدف توفير المعايير الإرشادية لدمج معايير التنمية المستدامة في الخطط التنموية بما يعظم المردود التنموي ويحسن جودة حياة المواطنين.
وحدد الدليل معايير الاستدامة الحالية على مستوى 14 قطاعا من القطاعات الاقتصادية، المسئولة عنها، وعن قياس مؤشرات الأداء ذات الصلة التي تقيس الأثر التنموي لمختلف المشروعات والتدخلات، مما يعين متخد القرار في تحديد المشروعات ذات الأولوية من منظور السلامة والاستدامة البيئية وبما يتوافق وخطط التنمية المستدامة.
وفي هذا الخصوص، وفي إطار استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (27 Cop)، تحرص الحكومة على تبني المبادرات الداعمة للنمو الأخضر المستدام لتشكل استثماراتها نسبة تتراوح بين 35% و40% من إجمالي الاستثمار في عام الخطة 2022/2023، مقابل 30% في الوقت الراهن، وللوصول إلى 50% بحلول عام 2025، وإلى 100% بحلول عام 2030، حسبما تفيد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المقدمة من وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد ووافق عليها البرلمان بغرفتيه ( النواب، الشيوخ).
و تتبنى الخطة عدة برامج تستهدف التصدي للتغيرات المناخية وانعكاساتها السلبية على النظام البيئي والاقتصادي الوطني، ويأتي في مقدمة المبادرات والبرامج الحكومية الموجهة للتحسين البيئي والتحول للاقتصاد الأخضر، ما يخص قطاع النقل حيث تتضمن الخطة التوسع في مشروعات النقل المتطور، مثل القطار الكهربائي والمونوريل والأوتوبيس الترددي البديل للميكروباص على الطريق الدائري، وكذا شبكات مترو الأنفاق والسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى برنامج تحويل السيارات الحكومية لاستخدام الغاز الطبيعي بدلًا من البنزين.
وفي قطاع الصناعه، تتبنى وزارة التجارة والصناعة عدة برامج لمكافحة التلوث الصناعي وحماية البيئة، مع التركيز على الصناعات الرشيدة في استخدامات الطاقة والمياه والموارد الطبيعية، مع دعم الصناعات صدي البيئة، وإعادة تدويل المخلفات واستخدام مياه الصرف الصناعي فضلًا عن التوسع في إبرام الاتفاقيات الدولية لإنتاج الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وبتكلفة تقديرية للمرحلة الأولى نحو 4 مليار دولار.
وبالنسبه لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، تستهدف المبادرات المطروحة بالخطة، رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 22% من جملة الطاقة المستخدمة عام 22/23 ثم إلى 25% عام 24/25 ولتقترب من مستهدفات عام 2035 (42%) من خلال التوسع في مشاريع الطاقة الشمسية ومزارع الرياح لتوليد الكهرباء على غرار محطة بنبان بأسوان للطاقة الشمسية، ومشروع رأس غارب لتشغيل مزارع الرباح، بالإضافة إلى تشجيع المشروعات التي تقوم بتحويل المخلفات إلى طاقة.
وتشير خطة التنمية إلي المبادرات المطروحه بخطة قطاع الزراعة في هذا الصدد، ومنها التوسع في الزراعات العضوية، وترشيد استخدام المبيدا الكيماوية والحشرية، وكذا التوسع في المجازر الآلية لرفع كفاءة الوحدات البيطرية،
وأيضا، التوسع في زراعة الحاصلات المقاومة للجفاف والرطوبة والملوحة وقليلة الاستخدام للمياه، مع التوجه لتقنيات الزراعة الحديثة واستنباط سلالات أصناف جديدة مبكرة النضج.
وعلي جانب قطاع الموارد المائية، تتضمن المبادرات التوسع في نظام الري الحقلي الحديث واستخدام نظام الري التبادلي لخطوط الزراعة، والتوسع في تحلية المياه الجوفية، والتوسع في مشروعات تخزين مياه الأمطار والسيول، وتحسين جودة شبكات الري والصرف العام والمغطى، والتوسع في أعمال التغطية من مصارف وتبطين الترع.
وفي قطاع السياحة تشير الخطة إلي تضمين المبادرات تنشيط السياحة الخضراء في إطار منظومة الاستدامة البيئية من خلال تحفيز إقامة الفنادق المتوافقة مع البيئة (الفندق البيئي Ecolodge)، على غرار التجارب الناجحة في منتجعات واحة سيوة ومرسى علم بالبحر الأحمر، ودهب بخليج العقبة، ومن خلال متابعة التزام الشركات والمنشآت بالضوابط البيئية كشرط أساسي لحصولها على شهادات الصلاحية البيئية ولمواصلة العمل.
وفي هذا السياق، توجد مبادرات لتحويل المركبات المرخصة سياحيا للعمل بالطاقة الصديقة للبيئة وكذا، إلزام مراكز الغوص بالحصول على العلامة الخضراء، وإلزام كافة المنشآت الفندقية والسياحية في مدينة شرم الشيخ (كمرحلة أولى) بما يفيد حصولها على شهادة الاعتماد وفقا لاشتراطات الممارسة الخضراء صديقة البيئة.
وفيما يخص التدابير المؤسسية، تم تعديل التشريعات البيئية وتطوير أنظمة الإدارة البيئية للتركيز على التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتمادا على الكربون وإدراج البعد البيئي في جميع مشاريع دقية من. التنمية، وزيادة العقوبات ضد الممارسات البيئية الخاطئة.
وفي هذا السياق، تم إطلاق المؤشر المصري للمسئولية المجتمعية لـ 100 شركة مدرجة في سوق الأوراق المالية شاملة الجوانب البيئية والاجتماعية، كما يجرى التسريع في إصدار السندات الخضراء للشركات بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية وذلك لتمويل المشروعات البيئية المعتمدة على الطاقة النظيفة.