كتب\سعيد بدر
أخطاء طبية أم مضاعفات؟.. أزمة تتجدد من فترة لأخرى دون توقف، حيث يرى كل طرف من أطراف تلك الأزمة “المريض والطبيب” بعد تبادل الاتهامات بالإهمال والتشهير، أن لديه حق ولن يتراجع عن المطالبة به، إلا أن ثمة خيط رفيع يفصل بين الطرفين، وهو ما قد يطرأ على المريض خلال رحلة علاجه كمضاعفات متوقعه من الطبيب ناتجة عن العلاج أو من المرض نفسه، أو أخطاء طبية ناتجة عن إهمال فى تقديم الخدمة الطبية نفسها، وهما أمرين لا يمكن الفصل فيهما إلا من خلال لجان فنية مُتخصصة، والتى بدورها فى حال إثبات وجود أخطاء أو إهمال فأن تقاريرها تُعرض الطبيب إلى عقوبات تصل إلى الشطب من سجلات نقابة الأطباء.
وشهدت صفحات التواصل الاجتماعى، خلال الساعات القليلة الماضية، تداول بعض الانباء المنسوبة لأرملة الإعلامى وائل الإبراشى، متضمنه أن الأخير توفى نتيجة خطأ طبى خلال تلقيه العلاج من فيروس كورونا، وبدورها أصدرت النقابة العامة للأطباء، بيانا، تعليقا على تلك التصريحات، مؤكده تفهمها لمشاعر أسرة الفقيد، إلا أنها ترفض تلك التصريحات التى حملت اتهامات صريحة دون أية أدلة لأحد الأطباء، والإدعاء بحدوث خطأ طبى كان السبب فى وفات دون أي سند قانونى أو دليل طبى، كما طالبت المستشار النائب العام التوجيه بالتحقيق في جميع ملابسات الواقعة ومطالبة أرملة الإعلامي وائل الابراشي بتقديم التقارير الطبية و المستندات الدالة على صحة ادعائها.
وبدوره، قال الدكتور أسامة عبد الحى الأمين العام لنقابة الأطباء السابق، رئيس الهيئة التأديبية لمدة 8 سنوات، من 2013، وحتى 2021: ليس كل مريض يتوفاه الله يعنى ذلك أن هناك خطأ طبيا، هناك عجز أو فشل بالعلاج للوصول إلى نتائج مرجوة، وهى نتائج من الصعب تحقيقها بنسبة 100% ، حيث أن الأطباء بكل دول العالم مطالبون ببذل رعاية وليس الوصول إلى نتائج، وكورونا حصد حياة 660 طبيبا مثلهم كسائر المواطنين، أى أن ذلك لا يعنى أن الأطباء لا يملكون أن يحصلوا على نتائج شفاء 100% لأى شخص، وهو أمر ليس فى صالح المرضى أو الأطباء.
وأوضح عبد الحى، فى تصريحات خاصة : أى طبيب يضع خلال خطة علاجه يضع احتمالات للتشخيص المرض، ويبدأ فى فحص المريض إكلينيكيا ثم تحاليل وأشعات للوصول إلى التشخيص الأكثر دقة، ثم يبدأ فى كتابة العلاج ومتابعة نتائجه، لتعديله أو الاستمرار فيه، والأطباء عادة مطالبون بثلاثة أمور: “اتباع القواعد العلمية فى علاج المريض، إذا حدث مضاعفات يشخصها مبكرا، العلاج وفق القواعد العلمية”، إذا طبق ذلك الطبيب ومات المريض فأن الطبيب لم يُخطئ.
وأشار إلى أنه حال شك أهل مريض فى حدوث إهمال أو خطأ طبى يتم التقدم إلى لجنة التحقيق وآداب المهنة بنقابة الأطباء، وهى لجنة تماثل تماما النيابة العامة وبالتالى يتم إنتداب رئيس نيابة من النيابة الإدارية وبعضوية 2 من أعضاء مجلس النقابة، وتتولى اللجنة التحقيق فى الشكوى وأطرافها، وإما أن يتم حفظ الشكوى لعدم وجود أدلة كافية، أو خطأ، أو أن يتم إحالة الشكوى إلى الهيئة التأديبية وهى محكمة ابتدائية بعضوية مستشار من مجلس الدولة، وتضم 2 من أعضاء النقابة، وتتولى الهيئة محاكمة الطبيب وإما تحكم ببرائته أو أن تُصدر قرار بإدانته وبالتالى يتم عقوبته بأحد العقوبات التأديبية، والتى ينص عليها قانون النقابة، تبدأ من اللوم أو لفت النظر والإنذار أو الغرامة، أو الوقف عن العمل لفترة من شهر إلى سنة، أو شطب كامل من جداول النقابة، وفقا لحجم الضرر الذى وقع على المريض.
وأضاف عبدى الحى: أنه من بين كل 100 شكوى تتلقاها لجنة التحقيق يتم إحالة نحو 15% منها فقط للهيئة التأديبية، ويتم الحكم بالإدانة فى نسب تتراوح من 40 إلى 50% من إجمالى المُحالين للهيئة، نظرا لأن كثيرا من الشكاوى عادة ما تكون نتجية انفعال من أهل المرضى، ولكن لا يوجد تقصير من الأطباء.
فى سياق مُتصل، قال الدكتور أبو بكر القاضى، أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، إن الطبيب لا يمنع المرض، والمضاعفات الطبية بشكل عام أمور مُتعارف عليها فى المراجع العلمية جميعا، ومن الممكن أن تكون من الدواء أو المرض نفسه، فمثلا: مرض مثل المركوب الحزوني فى المعدة، مكتوب فى المراجع العلمية أنه قد يتحول إلى سرطان، أى أنه فى حال تحوله فعليا لا يعنى ذلك وجود خطأ طبى ارتكبه الطبيب، إلا أن ذلك كله لا ينفى حدوث أخطاء طبية، فهو أمر وارد، لكن يتم تحديده من خلال لجنة استشارية فى التخصص تطلع على إجراءات الطبيب العلاجية، والتأكد من عمله فى تخصصه، وفى حال حدوث مضاعفات هل عالجها أم لا.
واستطرد القاضى: المرض سبب من أسباب الموت، فهل يتخيل البعض أن الأطباء قادرون على منع الموت؟ من المؤكد أن هناك أخطاء تحدث فى الطب مثل سائر المهن، لكن الأخطاء الطبية غير متعمدة، فلا وجود لأى عداء بين المريض والطبيب، خاصة أن سمعة الطبيب والتوسع فى عمله يعتمد على شفاء مرضاهم وتحسن حالتهم، وبالتالى لن يتعمد الطبيب إحداث مشكلات لمريضه، لكن ذلك يحدث بنسب ضعيفة، مؤكدا ضرورة سرعة إصدار قانون المسئولية الطبية ليتم مناقشة قضايا الضرر الطبى على أسس علمية و مهنية.