كتب\هشام الفخراني
يزور الرئيس الرومانى كلاوس يوهانس، مصر خلال الفترة الحالية، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 115 على بدء العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وتم إجراء مراسم الاستقبال الرسمى وعزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف، والعلاقات بين مصر ورومانيا لم تكن وليدة قرن بل هى ضاربة فى عمق التاريخ.
وبحسب كتاب “تاريخ الحركة القومية فى مصر القديمة.. من فجر التاريخ إلى الفتح العربى” للمؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى، صارت مصر ولاية تابعة للدولة الرومانية بعد انتصار أوكتافيوس على أنطونيوس فى واقعة أكتيوم سنة 31 ق.م، وانتحار أنطونيوس وكليوباترا سنة 30 ق.م، ودخول أوكتافيوس الإسكندرية ظافرًا (أول أغسطس سنة 30 ق.م)، وظلت مصر تحت حكم الرومان سبعة قرون، انتهت بالفتح العربى عام 640–642 ميلادية على يد عمرو بن العاص، واعتمدت الدولة الرومانية على قوتها الحربية لتثبيت مركزها فى مصر، فأبقت بها حامية من نحو ثلاثين ألف مقاتل كانت كافية لإخماد الثورة فيها.
يقول الكاتب هارولد بل فى هذا الصدد: “كانت أفريقيا ومصر الموردين الرئيسيين للغلال إلى الإمبراطورية الرومانية؛ أما أفريقيا ولاية تابعة لمجلس الشيوخ، هدأت أحوالها منذ أمد طويل ولم تصبح فى حاجة إلى قوة حربية، وأما مصر فنظرًا لقرب عهدها بالغزو الروماني، ولشهرتها بالشغب والاضطرابات، كانت فى حاجة إلى حامية قوية، فأبقى أوكتافيوس فيها ما لا يقل عن ثلاث فرق مضافًا إلى ذلك القدر المقرر لتلك الفرق من القوات المساعدة”.
لم يكن استيلاء الرومان على مصر أمرًا مستغربًا، فإن دول أوروبا جميعًا قد دانت الدولة الرومانية، واستقرت سيطرتها على جميع الشعوب التى تحيط بحوض البحر المتوسط، ولم يبقَ خارجًا عن سيطرتها سوى بعض الدول فى آسيا والقبائل المتبربرة شمالى الدانوب.
وانفرد أوكتافيوس فى بادئ الأمر بالسياسة العليا فى الدولة الرومانية، ولُقب “أغسطس – العظيم” وصار الرئيس الأعلى للدولة، فصارت له سمات الإمبراطور، وانتهى بذلك عهد الجمهورية الرومانية، وبدأ عهد الإمبراطورية فى روما والبلاد التى تبعتها، وتولى ولاة من قبل روما شئون الحكم فى مصر، وظلت الإسكندرية عاصمة البلاد كما كانت فى عهد البطالمة ومقرا للوالى الرومانى، واستمرت اللغة اليونانية لغة الدولة الرسمية.
وبلغت أملاك الدولة الرومانية ذروتها فى عهد الإمبراطور تراجان Trajan، فكانت تمتد من نهر دجلة شرقًا إلى المحيط الأطلسى غربًا، ومن إنجلترا إلى الصحراء الكبرى جنوبًا.