أعلن المجلس الأعلى للاستثمار في مصر، عن اتخاذه قرارات وصفها محللون بأنها غير مسبوقة لدعم وتحفيز الاستثمار من أجل إنعاش الاقتصاد الواهن، وذلك عبر إعفاءات ضريبية وطرح أراض بأسعار مغرية وسرعة فض منازعات الاستثمار.
وقرر المجلس في أول اجتماع له طرح أراض في العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة في شرق بورسعيد والعلمين والجلالة والاسماعيلية الجديدة، بخصم 25 بالمئة عن التسعير المحدد لمدة 3 أشهر من تاريخ الطرح.
ومن ضمن قرارات المجلس الأعلى للاستثمار الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضي الزراعية التي تنتج محاصيل رئيسية وأيضا إعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات للمشروعات الجديدة لتصنيع المنتجات أو السلع الاستراتيجية التي يتم استيرادها من الخارج أو الموجهة للتصدير للخارج.
ووافق المجلس على التصالح الضريبي بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي ليس لها ملفات ضريبية، حتى يكون لدى تلك الشركات سجل ضريبي يسمح لها بالاستفادة من مبادرة البنك المركزي للتمويل بفائدة خمسة بالمئة.
وشملت القرارات التي اتخذها المجلس، تخصيص الأراضي الصناعية المزودة بمرافق في الصعيد مجانا وفقا لضوابط تضعها هيئة التنمية الصناعية، بجانب تمديد العمل بقرار تجميد ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة ثلاث سنوات أخرى حتى أيار/مايو 2020 ، وزيادة عدد الشركات المتوقع طرح حصص منها تصل إلى 24% في سوق المال.
قرارات جريئة وسارة
في هذا الصدد، قال رئيس الرقابة المالية في مصر شريف سامي إن “القرارات بالتأكيد جريئة وإيجابية جدا، وتتعامل مع عدة مشكلات قائمة أو ملفات مطلوب تنشيطها، وبعض تلك القرارات يحتاج لتعديل تشريعي لإمكان تفعيلها.”
من ناحيته، وصف رئيس البورصة المصرية محمد عمران القرارات بأنها “مفاجأة سارة لسوق المال”، في الوقت الذي رأى فيه أنها “ستساعد في جذب مستثمرين جدد ونجاح الطروحات المقبلة”.
أما هاني جنينة من شركة بلتون المالية قال إن “الهدف من القرارات مالي أكثر منه لتشجيع الاستثمار، فالقرارات بها تضحية بالحصيلة المتكررة من خلال الضرائب مثلا على عدد من الأنشطة من أجل الحصول على عائد أكبر وأسرع في الأمد القصير، من خلال بيع أراض سواء في الصعيد أو العاصمة الإدارية.”
واعتبر جنينة أن “القرارات تستهدف تمويل عجز الموازنة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على السندات، وإلغاء بعض عطاءات أذون الخزانة في الآونة الأخيرة”.
وأفاد جنينة بأن “التحرك الأخير للدولة يشجع حائزي الدولار من المضاربين على فكه والاتجاه لشراء الأراضي، ولذا كانت قرارات خصم 25 بالمئة من أسعار الأراضي لمدة 3 شهور في أكثر من مكان.”
ويواجه الاقتصاد المصري صعوبات في ظل تباطؤ النمو بعد ما يزيد عن خمس سنوات منذ انتفاضة كانون الثاني/يناير من العام 2011، كما يعاني الاقتصاد من أزمة في العملة الصعبة تفاقمت بفعل تقويم الجنيه بأعلى من قيمته الحقيقية حسبما يرى كثير من الاقتصاديين.
تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي
في السياق، رأى عضو لجنة إدارة أصول الدولة هاني توفيق أن “القرارات مفاجئة، وتؤكد على أن المجلس ينوي التعامل بجدية مع مشكلات الاستثمار في مصر.”.
وأردف توفيق قائلا “لكني كنت أفضل في جزئية الإعفاءات الضريبية أن تكون مرتبطة بالتشغيل وليس بالمكان الجغرافي.”، مضيفا أنه “لم يقل لنا أحد ما أثر تلك الإعفاءات الضريبية على الموازنة.”، لافتا إلى أن “القرارات ستشجع المستثمرين المحليين والأجانب، فضلا على أنها في صالح العملة المحلية وستعمل على تخفيض الطلب على العملة الأجنبية.”
من جهته، قال محسن عادل من شركة بايونيرز المالية إن “القرارات خطوة جيدة وتحتاج إلى تدعيمها الآن للإسراع بتقديم القوانين المرتبطة بها إلى مجلس النواب، وهي قانون الاستثمار الجديد وقانون التراخيص الصناعية وقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الجديد وقانون الإفلاس.”
بدورها، اعتبرت ريهام الدسوقي من أرقام كابيتال أن “القرارات خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، وتستلزم استكمالها بخطوات العملة وإعادة هيكلة الدعم”، منوهة إلى أنه “لا شيء سيشجع الاستثمار بدون حل أزمة العملة.”
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرح مبادرة في كانون الثاني/يناير الماضي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 20 مليار جنيه على 4 سنوات.