عربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن عميق قلقها إزاء المخاطر المتزايدة على سلامة المدنيين في الموصل في سياق المعركة الجارية لتحرير المدينة من تنظيم “داعش” الإرهابي، والتي تتعرض لها سلامة المدنيين للخطر، سواء في سياق تعرض التجمعات والأهداف المدنية للقصف الجوي والمدفعي، أو في سياق التوجهات لتقييد موجات نزوح المدنيين.
وتغيب عن خطط تحرير المدينة الأولوية القاطعة المتعلقة بتوفير الحماية للمدنيين، بما في ذلك من طرف تنظيم “داعش” الإرهابي الذي ارتكب بالفعل جرائم قتل جماعي بحق تجمعات سكانية، على نحو ما جرى في قرية “الحود” وراح ضحيتها 40 عائلة بكامل أفرادها.
كما أعربت المنظمة عن قلقها من الأنباء المؤكد باتخاذ تنظيم “داعش” الإرهابي لنحو 550 عائلة كدروع بشرية، كما تعرب عن خشيتها من أن يمثل ذلك مقدمة للتهاون في حماية هؤلاء السكان.
ورغم أن الحكومة العراقية قد سعت لاستبعاد ميليشيات “الحشد الشعبي” الطائفية من المشاركة في معارك تحرير الموصل، لكن لا تتوافر ضمانات على نبذ القوات الحكومية العراقية للتوجهات الطائفية، وخاصة فيما يتصل بتحديد مسارات للنزوح من شأنها أن تفضي إلى إفراغ المدينة وبما يفاقم من مخاوف سكان المدينة من مساعي تغيير التركيبة الديموغرافية.
وتتفاقم المخاوف من الصراعات التي تطبع العلاقات بين أطراف التحالف الدولي، والتي تتضح ذروتها في إصرار الحكومة التركية على المشاركة في المعارك رغم رفض الحكومة العراقية، ما يشي بتفاوت في أهداف المشاركين في المعركة، وباتالي ينبيء بمخاطر هائلة محتملة على السكان.
إن ما تعرض له العراق من تقسيم عملي على الأرض بين سكانه خلال السنوات الثلاثة عشر الماضية على يد الاحتلال الأمريكي والتناحرات الإقليمية المتعاقبة قد أدى إلى تحول البلد إلى كانتونات مذهبية وعرقية، وعمق من مأساة الأقليات الصغرى على نحو ما رصدته تقارير المنظمة المتعاقبة، وهو ما تثور معه الخشية من استخدام سياق نشأة تنظيم “داعش” ومحاربته لكي يكون أداة لتكريس عمليات التطهير الفئوي ورسم حدود ما بعد التقسيم، والتي حتمياً لا تمر سوى عبر دماء المدنيين وتهجيرهم.