ما إن بدأت تظهر بوادر خلاف بين مصر والسعودية بشأن الأزمة السورية، حتى سارعت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية وغيرها إلى النفخ في الخلاف بين البلدين، نكاية بالسعودية وليس حبًا في مصر.
وقالت وسائل إعلام إيرانية، في هذا الصدد، إن “مصر أصبحت تسير على خطى إيران في طبيعة علاقاتها مع السعودية”، متوقعة أن “تقطع القاهرة خلافاتها الدبلوماسية مع الرياض”.
وتحفل وسائل الإعلام الإيرانية بمفردات وعبارات وتوصيفات تهدف إلى صب الزيت على نار الخلافات.
وقال مصدر مطلع إن إيران دأبت على إحداث الخلافات والشروخ في الصف العربي، وهي الآن تصفق وتهلل لخلاف قدم لها على “طبق من ذهب”، وما عليها إلا أن تنفخ فيه.
وفي أحدث تصريح إيراني هادف إلى التحشيد ضد السعودية، قال مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان إن “إيران تعتبر مصر حليفاً إستراتيجيا”.
واعتبر عبد اللهيان في تصريحات تلفزيوينة أن “مواقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الأزمة السورية وتنظيم داعش تتسم بالواقعية”.
وتأتي هذه التصريحات في سياق محاولة طهران إقناع القاهرة في الاصطفاف معها ضد السعودية، أو على الأقل تحييد القاهرة إزاء ملفات إشكالية بين الرياض وطهران.
وفي وقت متأخر من مساء الجمعة، أعلنت الخارجية الإيرانية أن “قرار المشاركة باجتماع لوزان بشأن الأزمة السورية اتخذ بعد ضم العراق ومصر إلى المحادثات”.
وسعت إيران بذلك إلى إرسال رسالة لمصر، معلنة أن شرط حضورها مؤتمر لوزان هو دعوة كل من مصر والعراق إلى الاجتماع.
ورأى خبراء أن إيران بذلك تسعى إلى إظهار الحرص على أن يكون لمصر دور في الملف السوري، في مسعى واضح من طهران لاستثمار التصويت المصري على مشروع قرار روسي عارضته الرياض، وهو ما أشعل الخلاف، أساسا، بين البلدين.
وفي سياق متصل، وبعدما أعلنت شركة أرامكو السعودية وقف إمداد مصر بالنفط، سارعت شركة النفط الإيرانية إلى إبداء استعدادها لتغطية احتياجات مصر من البترول.
وقالت صحيفة أبرار”الاقتصادية الإيرانية الجمعة أن “وزارة النفط الإيرانية مستعدة لتزويد مصر بالنفط بعدما قررت شركة أرامكو السعودية وقف الإمدادات النفطية عن مصر”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في شركة النفط الإيرانية الحكومية قوله إن “إيران قادرة على أن تكون بديلاً عن السعودية لبيع النفط إلى مصر”.
وأفاد المسؤول الإيراني بأن “بلاده لا تضع أي قيود على بيع النفط الخام أو مشتقاته لمصر، إذا ما تقدمت الأخيرة بطلب رسمي”.
في موازاة ذلك، رجحت تقارير إيرانية أن تقوم طهران بإجراء مباحثات جادة مع مصر بشأن تزويدها بالنفط الخام مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
في المقابل، استبعد سفير إيران السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي محمد علي شريعتي دهقان، أن تتسع رقعة الخلاف بين القاهرة والرياض، معتبرا أن “ما قامت به القاهرة مؤخراً تجاه الرياض هي محاولة استعراض لا أكثر”.
وحث شريعتي في مقابلة مع وكالة أنباء تابناك الحكومة الإيرانية على عدم ارتكاب أخطاء في هذا الصدد والتعويل على الخلافات بين القاهرة والرياض، قائلاً “مصر لم تبتعد كثيراً عن السعودية”، مضيفاً “نعتقد أن ما قامت به حكومة عبد الفتاح السيسي لعبة أو مناورة مع السعودية لا أكثر”.
وأوضح الدبلوماسي الإيراني السابق “يجب ألا نكرر الأخطاء السابقة مع مصر حينما وصل الرئيس المخلوع محمد مرسي إلى سدة الحكم ثم بدأ بشن الهجوم على إيران وتعاطى بشكل مختلف مع الأزمة السورية”.
ورأى خبراء أن حديث الدبلوماسي المصري يؤكد أن إيران تعمل فعليا على تأجيج الخلاف السعودي المصري، لكنها لم تصل بعد إلى قناعة تامة أن مصر يمكن أن تسير وراء أجندتها الاستفزازية في المنطقة