يرتبط المصريون منذ دخول الإسلام وانتشاره فى مصر بفريضة الحج ويتمنى كل
مسلم مصرى أن ينالها وأن تعينه الظروف وتتوفر لديه الاستطاعة لأدائها، تكون
الفرحة بالحج فرحة تغمر القلوب وتبكى العيون من شدة جمالها والاشتياق لها
ولزيارة بيت الله الحرام وقبر الرسول الكريم ، وعلى مر التاريخ كان ولا
يزال المصريون يحتفون بهذه الفريضة ويبدعون الشعر والأغانى والأعمال الفنية
للتعبير عن ارتباطهم بهذه الفريضة وعن الشوق لزيارة الأراضى المقدسة،
ولتوديع واستقبال الحجاج الذين أنعم الله ويسر لهم أداء هذه الفريضة.
ومع بداية أيام الحج واستطلاع شهر ذى الحجة نلقى الضوء على حكايات وتاريخ
الأغانى التى عرفها المصريون وأبدعوها فرحاً وبهجة وشوقاً لأداء فريضة الحج
وغنوها فى وداع واستقبال الحجاج، حيث نشرت مجلة الكواكب فى عدد نادر صدر
عام 1957 عدداً من هذه الحكايات.
وكان من أشهر أغانى الحج أغنية المطربة الكبيرة أسمهان “عليك صلاة الله
وسلامة.. شفاعة ياجد الحسنين.. ده محملك رجعت أيامه..هنية واتملت به
العين”، التى كتب كلماتها المبدع الكبير بديع خيرى ولحنها شقيقها الموسيقار
فريد الأطرش.
وذكرت الكواكب أنه بعد نجاح هذه الأغنية نجاحا كبيراً أعاد الشيخ البحيرى
تلحين موال شعبى عن الحج تقول كلماته :” يابخت اللى اتوعد يشوف وقفة عرفات
الله..ويابخت اللى يطوف بالكعبة ويسبح بحمد الله” ، كى تغنيها أسمهان،
وكادت أسمهان أن تغنى هذا الموال وتسجله على اسطوانة لولا أنها غادرت مصر
إلى سوريا لتعود إلى زوجها.
كما حققت المطربة الكبيرة نجاة على بأغنيتها عن الحج نجاحاً كبيراً ،
وكانت كلماتها تقول :” يارايحين للنبى تأدوا فريضة الله ..منايا ومطلبى أحج
بيت الله..بالكعبة والحرمين نطوف المدينة..ومع المسلمين نمتع عنينا”
وكان أحد الشباب اعتزم أن يؤدى فريضة الحج وأن يتم زواجه قبل أداء هذه
الفريضة، واتفق مع المطربة نجاة على لإحياء حفل الزفاف ، ولم تكن المطربة
الكبيرة تعرف أنه ينتوى الحج، فذهبت إلى الحفل وهى ترتدى فستان سواريه عارى
الكتف ، وما كادت أن تغادر سيارتها أمام بيت العريس حتى أسرع إليها حين
رآها، ونزع معطفه ليغطى به كتفيها، ثم اصطحبها إلى إحدى حجرات المنزل بها
بعض نساء الأسرة اللاتى منحنها ثوب أسود مثل الملابس المحافظة التى
يرتدينها.
وطلب العريس من المطربة الكبيرة أن تغنى أغنية ” يابخت اللى اتوعد” ، ووصل
نجاح هذه الأغنية أن غنت نجاة على أغان أخرى للحج منها أغنية يقول مطلعها
:” يارايحين المدينة ومكة تطوفوا بالحرمين والكعبة”