ودع الآلاف من أبناء قرية تونس بمحافظة الفيوم الفنانة السويسرية
الأصل إيفيلين بورية الملقبة بـ “أسطورة من الفن والجمال”، وأكد الأهالى أن
ما فعلته مع أبناء هذه القرية يستحق أن يدون بكتب التاريخ ويحكى للأجيال
القادمة.
بدأت القصة التى تجسدت فى مشهد الوداع اليوم منذ أكثر من 50 عاما عندما
حضرت سيدة سويسرية فى الثلاثينات من عمرها مع زوجها الشاعر سيد حجاب فى
زيارة لقرية تونس بمحافظة الفيوم، وتعلق قلبها بموقع القرية التى تطل على
بحيرة قارون وبها أبراج حمام والحياة البسيطة بالقرية.
بعد فترة انفصلت عن زوجها وزارت القرية مرة أخرى، وقررت الإقامة بها وبدأت
فى إنشاء أول مدرسة لتعليم صناعة الخزف والفخار، وبدأت السيدة حملة جريئة
لطرق الأبواب زارت خلالها منازل أهالى القرية طالبتهم بأن يلتحق أبنائهم
بمدرستها وستمنحهن مقابلا ماديا عن المنتجات التى سيقومون بتصنيعها ، خاصة
بعد علمها بتسرب نسبة كبيرة من أبناء القرية من التعليم للعمل باليومية فى
ذلك الوقت .
وبالفعل بدأت إيفيلين فى تعليم أبناء مدرستها وبدأت تشد على يديهم للرسم
على منتجات الفخار، وتطالبهم باستيحاء الرسومات من البيئة المحيطة بهم،
وعقب انتهاء عمل تلاميذها بصناعة الخزف كانوا يلتحقون بفصل محو الأمية التى
ألحقته بالمدرسة لتعليمهم القراءة والكتابة ثم علمتهم اللغة الإنجليزية .
كما قامت إيفيلين بالتواصل مع، معارفها من الفنانين والخزافين بسويسرا،
وبدأت تسويق منتجات مدرستها خارج مصر وتسهيل إجراءات السفر لأبناء المدرسة
لعرض منتجاتهم بمعارض دولية بمختلف الدول
لم يقف دور إيفيلين على تعليم طلابها فقط، ولكن من كان منهم يصل إلى مرحلة
عالية من الإحترافية، كانت إيفيلين تساعده على تأسيس ورشة خاصة به وعرض
منتجاته بمفرده وبداية مشروعه الخاص فى صناعة الخزف وتعليم غيره من أبناء
القرية
كما أسست إيفيلين فى قرية تونس ثقافة الحياة البيئية السليمة حيث كان
منزلها مبنى من المواد الطبيعية وليس به أى مواد خرسانية، وهذا الفكر كان
سببا فى انتشار الفنادق البيئية بالقرية وتحويلها إلى قبلة السياحة
بالمحافظة.
يقول حكيم محمد أحد أصحاب ورش الفخار فى قرية تونس إنه تعلم على يد
أيفيلين ، ولا يمكن أن ينسى أفضالها عليه، مؤكدا أن ما فعلته سيكون صدقة
جارية لها وأنهم لن ينسوها أبدا وسيحكون عنها للأجيال القادمة.
وكان الدكتور أحمد الأنصارى محافظ الفيوم، نعى السيدة إيفيلين بورية –
سويسرية الجنسية، رائدة صناعة الفخار بقرية تونس السياحية، التى وافتها
المنية اليوم.
وقال محافظ الفيوم: “إن الفقيدة كانت تعشق الفيوم، واستقرت بقرية تونس
التابعة لمركز يوسف الصديق منذ ستينيات القرن الماضي، وأسست جمعية ومدرسة
لصناعة الخزف والفخار بالقرية، وتعليم الشباب والفتيات حرفة تصنيع الخزف
والفخار، وساعدتهم فى إقامة ورش خاصة بهم، وفتح مجالات لتسويق منتجاتهم
محلياً ودولياً“.
وأضاف أن السيدة “إيفيلين” عملت جاهدة ً على تحويل قرية تونس من مجرد قرية
ريفية إلى قرية سياحية ذات طابع خاص وقِبلة للزوار من مصر ومختلف دول
العالم، معرباً عن خالص تعازيه ومواساته لأسرة الفقيدة.