استطاع المسار الدرامي لمسلسل “موسي” أن يجمع بين اتجاهين متوازيين، وهما
اتجاه اجتماعي واتجاه تاريخي مسلطا الضوء على فترة هامة ومؤثرة في التاريخ
المصري خلال النصف الأول من القرن الماضي، حيث طعم السيناريو الاتجاه
الاجتماعي بأحداث تاريخية كبرى ربما يتم التطرق لها للمرة الأولى في
الدراما المصرية، ومن خلال التعمق في عدد من الأحداث الكبرى التي تعرضت لها
مصرأو كانت ذات دور فيها.
ويتخللها أحداث حقيقية وقعت في التاريخ المصري، مما دفع المؤلف ناصر عبد
الرحمن للقراءة والتعمق في تاريخ حقبة الأربعينيات التي تدور فيها الأحداث،
بالإضافة لاستعانته بالمعلومات الإنسانية التي توافرت حول تعامل المصريين
معًا خلال هذه الفترة.
“معارك الحرب العالمية في مصر”
اللقطة العبقرية التي جسدها صناع العمل لتجسيد إحدى المعارك التي دارت عن
الحرب العالمية الثانية، حيث صورت أحداث الحلقة الـ4 من المسلسل مشاهد
القصف الناري على المعسكر البريطاني الفريق الألماني في شمال إفريقيا،
وتجسيد مشاهد الحزن والقتل التي أصابت العالم جراء هذا الصرع الدموي
الكبير، ورغم تناول بعض الأعمال لفترة الحرب مثل فيلم “خان الخليلى، وحكمت
فهمى” إلا أنها تعتبر المرة الأولى التي يصور فيها عمل درامي مصري تلك
النوع من المعارك .
“مأساة الأرمن”
رغم أن المسلسل تدور أحداثه بعد سنوات من مذبحة الأرمن على يد
العثمانيين، إلا أنه أشار لنقطة هامة وهى مأساة الأرمن الذين جاءوا إلى مصر
وانصهروا في المجتمع المصري، حيث ألقى الضوء على واحدة من أشهر المذابح
على مر التاريخ وهى مذبحة الأرمن، وجاء المشهد عبارة عن حوار يدور بين
شفيقة (هبة مجدي) وفانيا (هلا السعيد) حول أصولها التي تنتمي للأرمن وهنا
تعجبت “شفيقة” وتخبرها بعدم معرفتها بهذه البلاد، لتروى “فانيا” مأساة تعرض
لها شعبها على يد الأتراك والشهيرة بمذبحة الأرمن.
“غزة المصرية”
تطرق أيضا المسلسل إلى فترة إدارة الجانب المصري لقطاع غزة، وسلط الضوء
على التاريخ المصري، وكيف كانت حركة التنقل بين البلدين بحرية قبل الاحتلال
الصهيوني وحركة التجارة هناك، وتطرق العمل لقضايا تهريب المواد المخدرة
والتي وثقتها الجرائد المصرية خلال أربعينيات القرن الماضي.
“وباء الكوليرا”
ناقش مسلسل “موسي” ظاهرة تفشي وباء الكوليرا في مصر الذي فتك بالمصريين
في وقت كانت فيه الرعاية الصحية تكاد تكون منعدمة، حيث تطرق العمل من منظور
تاريخي واجتماعي وبالتحديد الموجة الوبائية التي ضربت مصر عام 1947،
ومأساة المصريين مع الوباء القاتل، حيث شهدت الحلقة الـ27 انتشار فيروس
الكوليرا في الصعيد في هذه الفترة، وقبل أن يتوفى مسعد (حمدي الوزير) مصابا
بها.
“فيضان النيل”
تطرق المسلسل لفيضان النيل قبل سنوات من إنشاء السد العالي، حيث جسدت
الحلقة الـ7 بعبقرية مشاهد الفيضان بحبكة درامية رائعة، وكيف كان يشل حياة
المصريين ويعرضهم للهلاك، ومن ضمن المشاهد مشهد نجاة “موسى” من الفيضان
الذى أهلك قرية مصاغة إلا قليلا منها، وكان “موسى” برفقة الناجين في طريقه
إلى مصر فيما يعرف وقتها بالتهجير وظهرت الصورة الأشهر للأهرامات بعد
الفيضان ولم تكن وقتها قد شغلت بالبيوت والزراعة، وربما لم تتناول أي أعمال
الفيضان بشكل مباشر إلا فيلم “ابن النيل” ليوسف شاهين.
الخولى، سيد رجب، صبرى فواز، منذر رياحنة، هبة مجدى، فريدة سيف النصر،
عارفة عبد الرسول، أمير صلاح الدين، ضياء عبد الخالق وعدد آخر من الفنانين،
وتأليف ناصر عبد الرحمن، وإخراج محمد سلامة وإنتاج شركة سينرجى.