توخى الحذر إذا دعيت لحفل زفاف في بعض مناطق السودان، ففي هذا البلد العربي العريق موروث من العادات والتقاليد يميزه عن باقي دول العالم.
وربما تشكل هذا الموروث من التمازج الفريد للحضارات المتعاقبة على السودان منذ ماقبل التاريخ مرورا بالفراعنة والحضارة العربية والإسلامية والقبائل الأفريقية المنتشرة على ضفاف النيل.
ويتجلى هذا الموروث في مناسبات الزفاف التي لا تخلو طقوسها من غرابة لا مثيل لها في العالم.
فقبل حفل الزواج بثلاثة أيام، يُحبس العريس السوداني في بيته، بينما تحضر فتيات العائلة الحناء ويضعنها على قدميه ويديه طيلة هذا الأيام.
ويشارك أصدقاء العريس الذين سبق لهم الزواج في هذا الطقس، الذي يهدف إلى إحداث ضجة اجتماعية وسط “الحارة” حتى يستعد الجميع للمشاركة في المناسبة، التي يوبخ من لم يحضرها، وبذلك يحظى اليوم الأخير للعرس، بأكبر عدد من المشاركين يفوق الألف شخص من النساء والرجال في كثير من الأحيان.
أما العروسة، فتحبس أيضًا لشهر كامل، ولا يسمح لها برؤية زوجها المستقبلي، وذلك بهدف زيادة جرعة اللوعة والاشتياق، وجعل الظهور مفاجأة في حفل الزفاف تبهر الحضور بمن فيهم العريس نفسه وأهله.
إلا أن بعض العرسان يتسللون إلى بيت أسرة العروسة سرًا لرؤيتها دون علم العائلتين.
لكن أغرب عادات الزفاف السوداني على الأطلاق، طقس الجلد بالسياط، المنتشر في مناطق قبلية، حيث يقوم العريس بجلد مدعوين لحفل زفافه على ظهورهم حتى تتبلل ملابسهم بالدماء، ويكون ذلك وسط جموع من النساء الكبار والفتيات ورؤساء القبائل، والهدف إظهار شجاعة رجال القبائل.
ويقول الباحث الاجتماعي السوداني الدكتور عبد الرحيم بلال في تصريحات لـ ” إرم نيوز” إن “ظاهرة الجلد تدل على الرجولة وإظهار الفروسية لجذب الفتيات”، مشيرًا إلى أن “الجلد في الماضي كان منتشرًا في العاصمة الخرطوم بصورة كبيرة، ولكن حاليًا بدأ يندثر وأصبح في بعض الولايات فقط”.
وأوضح بلال، أن “جميع عادات الزواج في السودان متوارثة، ولكن تغيرت بعض الشيء”، وبدأ بعضها يندثر بسبب الغزو الثقافي الغربي، وتأثر الأجيال الشابة به.
وأضاف أن “من بين العادات التي بدأت في الزوال هي عادة دخان المرأة الذي كان يزدها جاذبية ويجعلها أكثر جمالًا”، مؤكدًا أن “المرأة أصبحت غير متمسكة به كما في السابق، بجانب عادة رش اللبن والسيرة”، وهما عادتان يختتم بهما العرس.
وليلة الزفاف بحسب بلال، تغيرت كثيرًا، حيث كانت في الماضي تتم داخل المنزل، أما الآن فمعظم الأفراح تميل إلى الزفة المصرية، ما يهدد عادات المجتمع السوداني بالاندثار مع مرور السنين