“سعد”.. اسم
جلب الحظ لأسرة مصرية وأصبح أيقونة النجاح بالنسبة لأفرادها، لتصدق المقولة المصرية
“وش السعد”؛ فعلى الساحة الفنية برز الممثل الشهير عمرو سعد، وفي عالم الغناء
يعلو نجم المطرب أحمد سعد، وفي المجال العلمي يسير الشقيق الأكبر سامح سعد بخطوات ثابتة
وواثقة.
وحصل سامح سعد
مؤخرا على جائزة الدولة للتفوق في العلوم الأساسية، كما يعمل على العديد من الأبحاث
لابتكار علاجات مضادة للخلايا السرطانية وتقليل جرعات العلاج الكيماوي، وبالتالي الحد
من آثارها السلبية على مرضى السرطان.
وأعلن مجلس أكاديمية
البحث العلمي والتكنولوجيا، برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري خالد
عبد الغفار، مؤخرا فوز سعد، خبير الأمن الصحي العالمي، مدير برامج بمستشفى سرطان الأطفال
في مصر، بجائزة الدولة للتفوق في العلوم في مجال العلوم الأساسية.
ويعتبر سعد أحد
تلامذة العالم المصري الراحل أحمد زويل، وهو دكتور في الفيزياء الحيوية بمركز دراسات
الشيخوخة والأمراض المصاحبة لها بجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا.
وحول طبيعة الأبحاث
التي ساهمت في حصوله على الجائزة، قال سعد لموقع “سكاي نيوز عربية”:
“الجائزة نتيجة جهد طويل من العمل مع أساتذتي وتلاميذي، وهي من مجمل 10 أبحاث
أُجريت في مصر بعد عودتي من الولايات المتحدة”.
وتابع: “دارت
الأبحاث في فلك معرفة وفهم جزء معين في الخلايا الحيوية، وترتكز على الجزء المسؤول
عن توفير الطاقة وانقسام الخلايا، ومحاولة دراسة هذا الجزء الذي يؤدي إلى ابتكار مجموعات
جديدة من العلاجات من ناحية التمثيل الغذائي، ومحاولة استهدافه لمعالجة الأمراض وفهمها”.
ويشرح العالم المصري
طبيعة الأبحاث التي يعمل عليها، قائلا: “نحن كمجموعة بحثية متخصصون في دراسة جزء
من الخلية البشرية والحيوانية يسمى (الميتوكوندريا)، وهو عبارة عن عضيات أو أجزاء في
الخلية تعتبر مصنع وخطوط إنتاج الطاقة بالخلية، وتحمي الخلية من الانقسام خارج التحكم،
ولها أدوار مهمة جدا في دعم كل العمليات الحيوية، ومنع نشأة وانتشار السرطان”.
جرعات كيماوي أقل
ويوضح سعد أنه
يعمل من خلال أبحاثه على تحسين الأداء العلاجي للأدوية الموجودة حاليا الخاصة بالسرطان،
عبر فهم نشأة الخلية السرطانية، مما يمثل طريقا جديدا في العلاج، قد يؤدي لتحسين العلاج
الكيماوي والإشعاعي لمرضى السرطان.
ويقول لموقع
“سكاي نيوز عربية”: “نحاول فهم كيف تتغير الأمور حينما تتحول خلية طبيعية
إلى أخرى سرطانية، وستسهم تلك الأبحاث بالمستقبل في تصميم علاجات قد تكون أكثر فاعلية
ومضادة للسرطان، وتحسين الأداء الصحي عموما عند المرضى”.
واستطرد:
“نحاول المساعدة في القضاء على الأورام السرطانية باستخدام تدخلات تمنع عملية
التمثيل الغذائي بشكل خاص، بحيث تضرب الخلايا السرطانية وليست الطبيعية، وهذا يجعل
الأعراض الجانبية أقل، فالهدف هو التعزيز من قدرة العلاج الكيماوي بحيث نستخدم منه
كميات أقل، وجرعات أقل، مما يؤدي لأعراض جانبية أقل، والأمل هو أن نصل إلى مرحلة تحسين
أداء العلاجات الحالية، وتحسين أعراضها الجانبية”.
وحصلت أبحاث العالم
المصري على جائزة الدولة للتفوق في العلوم في مجلات طبية عالمية، فضلا عن أن معدلات
الاقتباس منها جيد جدا، وهذا يعني أنها مستقبلة بشكل جيد في المجتمع العلمي العالمي.
مشوار طويل لعلاج
الاطفال
ويعمل سامح سعد
حاليا مديرا لبرنامج بيولوجيا الأورام، ضمن قسم البحوث الأساسية الطبية بمستشفي
57357 لعلاج سرطان الأطفال.
وعن عمله بالمستشفى
يقول: “المستشفى مجهز على أعلى مستوى، بل إنه يعتبر أفضل من معملي في أميركا،
من ناحية التجهيزات وأنواع الأجهزة الحديثة”.
ويصف سعد عمله بالمستشفى بأنه “رحلة صوفية لعلاج
الأطفال”، مؤكدا فخره بالانتماء، داعيا الجميع للتبرع للمستشفى.
واعتبر سعد تركه
لمنصبه وعمله العلمي بالولايات المتحدة بأنه كان “قرارا صعبا”، مضيفا:
“عدنا بأمنيات وآمال عريضة من أجل تحقيق التقدم الذي تستحقه بلادنا، ونأمل في
صناعة تاريخ له؛ فتقدم الدول يكون بفضل عودة علمائها وشباب الباحثين”.
كما يرى أن الأهم
من تحقيق حلم الحصول على جائزة نوبل، هو استكمال الأبحاث العلمية بهدف علاج الأطفال
وكبار السن المصابين بالسرطان، مضيفا: “لو توصلنا لما يحسن حياة طفل أو ينقذ روحه،
فهذا أمر جلل بالنسبة لي.. القيمة الحقيقية هي تقديم شيء ملموس نساعد به بلدنا، وفي
النهاية ما تحققه وتأثيره على المصريين هدف كبير لنا”.
“زويل شجعن
على العودة”
وحول علاقته بالعالم
الراحل الدكتور أحمد زويل، الحائز على جائزة نوبل، قال سعد: “عملت مع العالم الراحل
فترة ليست بالقليلة، وهو من شجعني ودفعني للعودة إلى مصر للمساهمة في بناء مدينة زويل
للعلوم والتكنولوجيا، حيث أنشأت مركز دراسات الشيخوخة”، مشيرا إلى أن زويل كان
لديه أمل تدشين مؤسسة تكون على مستوى عالمي.
وحول النجاح الذي
حققه أشقاؤه عمرو وأحمد في المجال الفني، قال: “نعمة كبيرة تدل على أن التربية
كانت بلا عقد وصحيحة من الناحية النفسية، والفضل يعود في هذا لوالدي رحمه الله ووالدتي،
وطريقة تربيتهم التي جعلت لدينا الإصرار على النجاح وتحقيق أحلامنا”.
وتابع: “نشأنا
في أسرة بسيطة، وكافحنا جميعا من أجل النجاح، وعمرو وأحمد أمثلة موهوبة للغاية ويقدمون
دعما كبيرا لي”.
وعن رحلة شقيقه
الأكبر العلمية، قال الفنان عمرو سعد عبر حسابه الرسمي على تطبيق “إنستغرام”
لتبادل الصور: “لم يصل سامح لهذه المكانة إلا بعد رحلة كفاح طويلة بدأها منذ كان
في مرحلة العشرينيات، عندما سافر إلى اليابان، ثم امتدت رحلته لعدد من الدول الأوربية
بجامعات النمسا وأميركا، حتى اختاره العالم الراحل أحمد زويل ليكون أحد مؤسسي مركز
أبحاث مدينة زويل”.
وردا على مشاركة
عمرو سعد، هنأ النجم أحمد حلمي، سامح سعد بعد حصوله على جائزة الدولة للتفوق، وعلق
قائلا: “ألف مبروك وعقبال نوبل”.
يشار إلى أن سامح
سعد درس الكيمياء الفيزيائية، وناقش رسالته لنيل درجة الدكتوراه عام 1997 من جامعة
طوهوكو اليابانية، وركزت رسالة الدكتوراه على فهم آثار المجال المغناطيسي على كيمياء
الشوارد الحرة، بهدف التحكم في تفاعلاتها ونواتجها باستخدام نبضات الليزر والمجال المغناطيسي.
وساهمت خبرات سامح
وابتكاراته البحثية، بشكل كبير في العديد من المشاريع في مجال دراسة وظيفة الميتوكوندريا
وبيولوجيا الشوارد الحرة والطب، وحصل على تمويل من معهد الصحة القومي الأميركي والعديد
من الجهات المانحة محليا ودوليا.
كما ساهم في كتابة
كتابين متخصصين وبراءة اختراع، بالإضافة إلى نشره ما يزيد على 50 بحثا علميا في دوريات
عالمية مرموقة، منها دورية العلوم العصبية والعلم والكيمياء البيولوجية ونشرة الأكاديمية
القومية للعلوم وغيرها.