أثار مشروع قانون يتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، وصادق عليه مجلس الوزراء، جدلاً واسعاً في تونس، واعتبره البعض “تضييقاً جديداً على الرجل ومساحة أوسع للمرأة حتى تفعل ما تريد”، واعتبره آخرون “استحقاقاً للمرأة التي تتعرض للعنف والاضطهاد سواء في الفضاءات العامة أو حتى داخل البيوت”.
واقترح كذلك عقاباً بتخطئة المتحرّش بمبلغ ألفي دينار (1000 دولار) “كل من يتعمد التمييز في الأجر عن عمل متساوي القيمة على أساس الجنس، وتضاعف العقوبة في صورة العود والمحاولة موجبة للعقاب (وفق الفصل 17)”.
وشدّد “العقاب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار لمرتكب التحرش الجنسي“، وهو من بين الفصول الجديدة في المشروع الجديد.
واقترح “عقاباً بالسجن لمدة عام، ضد كل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تنال من كرامتها أو تخدش حياءها”.
وأثار هذا المشروع الجديد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل معه عديدون، وقال كمال عزيزة “هناك رجال متزوجون بنساء جميلات، ولكنهم يتحرشون بزميلاتهم في العمل أو بخادماتهم”، مضيفاً “ليس المشكل في تأخر سن الزواج، فسنّ قانون لتجريم التحرّش ضروري، ولكن لا من إيضاح مختلف فصوله بدقة حتى لا يساء استعماله”.
بينما أكد عبد الجليل شمام، أنه يفضّل “معالجة الأسباب والتصدي للمتسببين قبل معالجة النتائج ومعاقبة الضحايا”.
من جانبه، أوضح أمين بوضياف أنّ “المشكل يكمن في العقلية والعقيدة”، متسائلاً “كيف يمكن أن نعاقب الرجل، بينما نفسح المجال أمام المرأة لتلبس ما تريد، دون حسيب أو رقيب، دون مراعاة لمشاعر الرجل”.
وفي المقابل فقد اعتبر رياض أنّ هذا القانون “استحقاق للمرأة التي تتعرض يومياً للعنف والتحرّش في الفضاءات العامة، وفي الشارع، وفي الحافلة أو المترو، وفي أماكن العمل، وهي بالتالي في حاجة إلى الحماية من مثل هذا العنف اليومي”.
أما طارق عمر فقد شدّد على أنّ المرأة “هي أمك وزوجتك وأختك.. وبالتالي لا بدّ من حمايتها من العنف الذي تتعرض له، وهي في أغلب الأحيان، لا تخبر عن أيّ تجاوز خوفاً من الفضيحة في مجتمع رجوليّ”.
تفاعل المحلل السياسي والإعلامي عادل السمعلي، في تدوينة له، مع هذا المشروع، إذ قال “التحرش الجنسي ناتج عن تأخر سن الزواج، الذي يعود إلى ارتفاع نسبة البطالة، وهذا نتيجة فشل السياسة التنموية، التي بدورها تعود أساساً إلى الفساد الذي انتشر في البلاد”.
وشدّد السمعلي على أنه “يفضّل سنّ قانون يردع الرشوة والفساد، عوضاً عن مشروع قانون لمعاقبة المتحرشين جنسياً”.
وتساءل الإعلامي السمعلي ” لماذا تواصلون استبلاه الشعب، خاصة وأنّ الجميع يعرف أنّ المتحرّشين من الأغنياء ومديري الشركات، وأصحاب المال والنفوذ والأرستقراطيين الذين لن يشملهم هذا القانون”.
وترفع العقوبة “كلّما كان لمرتكب العنف سلطة على الضحيّة”، إذ جرّم مشروع القانون، “العنف الواقع من أحد أصول الضحية أو أحد الزوجين أو أحد المفارقين أو أحد الخطيبين، والمعتدي الذي تكون له سلطة على الضحية أو استغلّ نفوذ وظيفة”، بهدف توفير حماية للمرأة في كل الفضاءات التي ترتادها.
وتمّ تجريم أفعال لم تكن مجرّمة في المجلة الجزائية السابقة، على غرار “جريمة زنا المحارم وجريمة مضايقة امرأة في مكان عمومي وجريمة تشغيل الأطفال كخدمة منازل وجريمة التمييز في الأجر على أساس الجنس، علاوة على إلغاء الأحكام القانونية التي كانت تمكّن الجاني من الإفلات من التبعات الجزائية أو المحاكمة أو تنفيذ العقوبة عند الزواج بالضحية أو عند الإسقاط”.
ويعتبر تحرشاً جنسياً “كل اعتداء على الغير بأفعال أو إشارات أو أقوال ذات طبيعة جنسية من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الأفعال”.