كتبت\هبه عبدالله
في كل عام، مع حلول عيد الميلاد، تتجسد معاني الحب والسلام والأمل في قلوب الملايين حول العالم، فهو احتفال يعيد إلينا ذكريات الطفولة البريئة، ويذكرنا بأهمية العطاء والتسامح. ويجمعنا عيد الميلاد تحت راية واحدة، وهى راية المحبة والإنسانية.
ومنذ ألفي عام، ولد طفل في بيت صغير بمدينة بيت لحم، غير مجرى التاريخ. عيد الميلاد، الذي نحتفل به اليوم، هو ذكرى ميلاد هذا الطفل الذي حمل رسالة المحبة والسلام للعالم أجمع.
الخلفية التاريخية لعيد الميلاد بالكنيسة الأرثوذكسية
فى البداية احتفل الأقباط الأرثوذكس بعيد الميلاد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطى، وكان هذا اليوم يوافق 25 ديسمبر (كانون الأول) فى التقويم القبطى من كل عام حسب التقويم الرومانى الذى سمى بعد ذلك بالميلادي, ولقد تحدد عيد ميلاد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر وذلك فى مجمع نيقية عام 325 م. حيث يكون عيد ميلاد المسيح فى أطول ليلة وأقصر نهار (فلكياً) والتى يبدأ بعدها الليل القصير والنهار فى الزيادة، إذ بميلاد المسيح (نور العالم) يبدأ الليل فى النقصان والنهار (النور) فى الزيادة، ويعتبر ذلك ما قاله القديس يوحنا المعمدان عن السيد المسيح “ينبغى أن ذلك (المسيح أو النور) يزيد وأنى أنا أنقص” (إنجيل يوحنا 30:3)، ولذلك يقع عيد ميلاد يوحنا المعمدان (المولود قبل الميلاد الجسدى للسيد المسيح بستة شهور) فى 25 يونيو وهو أطول نهار وأقصر ليل يبدأ بعدها النهار فى النقصان والليل فى الزيادة.
وفى عام 1582 م. أيام البابا جريجورى بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس فى موضعه أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام، أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع فى أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ فى حساب طول السنة (السنة = دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة فى التقويم اليوليانى تحسب على أنها 365 يومًا و6 ساعات. ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أى أقل من طول السنة السابق حسابها (حسب التقويم اليولياني) بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالى عشرة أيام، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى (اليولياني) حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الجريجوري, إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر فى جميع أنحاء إيطاليا.
ووضع البابا جريجوريوس قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد (25 ديسمبر) فى موقعه الفلكى (أطول ليلة وأقصر نهار) وذلك بحذف 3 أيام كل 400 سنة (لأن تجميع فرق الـ11 دقيقة و14 ثانية يساوى 3 أيام كل حوالى 400 سنة), ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذى وصل إلى حوالى 13 يومًا، ولكن لم يعمل بهذا التعديل فى مصر إلا بعد دخول الإنجليز إليها فى أوائل القرن الماضى (13 يومًا من التقويم الميلادى) فأصبح 11 أغسطس هو 24 أغسطس. وفى تلك السنة أصبح 29 كيهك (عيد الميلاد) يوافق يوم 7 يناير (بدلا من 25 ديسمبر كما كان قبل دخول الإنجليز إلى مصر أى قبل طرح هذا الفرق) لأن هذا الفرق 13 يوما لم يطرح من التقويم القبطى.
احتفال الكنيسة الكاثوليكية بعيد الميلاد المجيد
وحول تاريخ احتفال الكنيسة الكاثوليكية بعيد الميلاد الميج أوضح الأب إسطفانوس دانيال جرجس كاهن كنيسة مار مرقس الرسول للأقباط الكاثوليك بالجلاوية ساقلتة بمحافظة سوهاج فى تصريحات خاصة لليوم السابع أن المدة الزمنية لتاريخ صوم الميلاد اختلفت على مدار التاريخ فى التقليد القبطى بحسب المجامع القبطية الكاثوليكية السكندرية كالتالى:
1 – المجمع الإسكندرى الأول افتتح فى يوم 18من شهر يناير لسنة 1898م برئاسة الأنبا كيرلس مقار أسقف قيصارية فيلبس مدير رسولى ونائب بطريركى على الكرسى الإسكندرى وسائر الكرازة المرقسية.
2. المجمع الإسكندرى الثانى افتتح فى يوم 12من شهر مارس لسنة 1957م برئاسة الأنبا مرقس الثانى خزام بطريرك كنيسة الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسية للأقباط الكاثوليك
3. المجمع الإسكندرى الثالث افتتح فى يوم 6من شهر يونيو لسنة 1997م برئاسة الأنبا إسطفانوس الثانى غطاس بطريرك كنيسة الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسية للأقباط الكاثوليك، مؤكدا أن الفترة الزمنية بين المجمع الإسكندرى الأول والثانى هى 59 سنة وشهر واحد و22 يومًا، وأيضًا الفترة الزمنية بين المجمع الإسكندرى الثانى والثالث هى 40 سنة وشهرين وستة أيام، وأيضًا الفترة الزمنية بين المجمع الإسكندرى الأول والثالث هى 99 سنة و4 شهور و19 يومًا.
وأكد أنه إذا كان الصوم فريضة كنسيّة، فللكنيسة المعضدة من الرّوح القدس أن تتصرف حسب ما تتطلبه حالة المؤمنين الروحية والجسدية، بحسب وثائق قرارات السينودس البطريركى المنعقد من 21 إلى 23 من شهر فبراير لسنة 1967 برئاسة الأنبا إسطفانوس الأول بطريرك كنيسة الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسية للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة وأعضاء اللجنة اللاهوتية والقانونية الطقسية التى اختارها السينودس المقدس للاستئناس برأيها فى المواضيع التى تحال إليها قرر أن “صوم الميلاد ومدته خمسة عشر يومًا» وإننا نعرض نظام الصوم بحسب هذه المجامع”:
أ: المجمع الأول برئاسة الأنبا كيرلس مقار بتاريخ يوم 18 من شهر يناير لسنة 1898م: [صوم ميلاد الرب كان يبدأ من يوم 6 هاتور حتى 29 كيهك ورغم أنه من الأفضل اتباع القاعدة القديمة تجوز القاعدة السائدة التى وفقها صوم ميلاد الرب من 13 كيهك حتى 29 منه].
ب: المجمع الثانى برئاسة الأنبا مرقس الثانى بتاريخ يوم 12 من شهر مارس لسنة 1957م: [صوم الميلاد الذى يبدأ من 16 هاتور إلى 29 كيهك، وصوم برامون الميلاد والغطاس إلى الظهر، وإذا وقعا يوم أحد أو سبت يقدم إلى الجمعة ويعتبر يوم الأحد أو السبت أو اليومان معًا إذا وقع العيد يوم اثنين يومىً انقطاع أى يُحرّم فيها أكل اللحم والبياض ولو أنه لا يصامان إلى الظهر].
جـ: المجمع الثالث برئاسة الأنبا إسطفانوس الثانى بتاريخ يوم 6 من شهر يونيو لسنة 1997م: [صوم الميلاد ومدته خمسة عشر يومًا].