كتبت\هبه عبدالله
-
وزير الثقافة الفلسطيني: على الجهات الدولية التدخل لحماية هذا الجزء المهم من ذاكرة الحضارة العالمية
-
مسئول بوزارة الآثار الفلسطينية يكشف تاريخ المواقع التراثية المدمرة فى القطاع
-
مدير إدارة المواقع الأثرية الفلسطينية: الاحتلال يستهدف وجودنا على أرضنا وينتهك اتفاقيتى جنيف ولاهاى وإعلان اليونسكو العالمى
-
منظمة إسرائيلية تفضح الاحتلال: لا يُسمح لإسرائيل بالاستيلاء على قطعة واحدة من الآثار الموجودة فى غزة
الآثار والتراث هما ذاكرة الأمة، تاريخها الذى تستمد منه حضارتها، وتكون دافع لشعبها لبناء الحاضر والمستقبل، لذلك يتعمد الاحتلال نسف كل ما له علاقة بالتراث الفلسطينى، عبر تدمير ونهب وسرقة الآثار والمواقع التراثية، لمحو أى شيء له صلة بتاريخ الشعب الفلسطينى، وقطع الصلة بين الفلسطينيين وأرضهم، منتهكا بذلك كل المواد التى تمنع استهداف المواقع الأثرية خلال فترات الحروب والنزاعات، خاصة خلال العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة، والذى كشف فيه الاحتلال عن وجهه القبيح ومخططه لطمس الهوية الفلسطينية عبر توسيع حجم الاستهداف للمواقع الأثرية والتراثية فى القطاع.
وفقا لأخر إحصاء صدر عن المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، فى 11 فبراير، فإن الاحتلال دمر 200 موقع أثرى وتراثى، بجانب 100 مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلى، و295 مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل جزئى، 70 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال كليا، و290,000 وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئيا غير صالحة للسكن.
وبحسب إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، فإن الـ200 موضع آثرى الذين تم تدميرهم من قبل الاحتلال الإسرائيلى ليست الإحصائية النهائية، قائلا فى تصريحات خاصة : “ما زالنا لم نرصد المواقع التى تم تدميرها فى خان يونس، والتى سيتم رصدها بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلى منها”.
على الجانب الأخر، تشير تقديرات وزارة الثقافة الفلسطينية، بأن هناك 204 مواقع أثرية وتراثية دمرها الاحتلال، حيث يؤكد الدكتور عاطف أبو سيف وزير الثقافة الفلسطينى، أن الاحتلال يستهدف المواقع الأثرية فى قطاع غزة، لأن هذا جزء من استهداف للرواية والهوية الوطنية الفلسطينية من خلال تدمير هذه الآثار والمواقع الأثرية والاعتداء على المبانى الأثرية وهو محاولة لهدم جزء من الذاكرة الفلسطينية.
وزير الثقافة الفلسطينى: تدمير 195 مبنى تاريخى بجانب 9 مواقع تراثية
وبشأن عدد المواقع التراثية التى استهدفها الاحتلال الإسرائيلى منذ بداية العدوان، يقول وزير الثقافة الفلسطينى، فى تصريحات خاصة ، أن الوزارة أحصت بشكل نهائى فى التقرير الأولى الأخير لوزارة الثقافة تدمير 195 مبنى تاريخى، بجانب 9 مواقع تراثية وأثرية مثل الكنيسة البيزنطية والمقبرة الرومانية القديمة بجانب ميناء غزة القديم وهو الميناء الفينيقى القديم ومواقع مختلفة، ومقام الخضر ومقامات مختلفة فى غزة، وبالتالى أول شيء نقوم به هو عملية الإحصاء المستمر، متابعا: “نحن نتابع عن كثب كل ما يجرى فى المواقع التراثية والأثرية ونقوم بعمل إحصائيات أولية ولكن هذه بيانات أولية ولكن ليست بيانات دقيقة لأنه لم تنجل الصورة بشكل واضح إلا بعد انسحاب قوات الاحتلال وانتهاء هذه الحرب لأنه سنكتشف هناك الكثير من الأضرار التى لم نعرفها”.
وحول إجراءات وزارة الثقافة الفلسطينية لحماية الآثار والتراث فى غزة يضيف عاطف أبو سيف: “قلنا لليونسكو أن عليها وعلى الجهات الدولية أن تتدخل لحماية هذا الجزء المهم من ذاكرة الحضارة العالمية، فالكنائس والمساجد فى فلسطين التى بناها أجدادنا ونحن الذين عمرناها، ولكن لا يمكن فصل حقيقة أن كنيسة القديس برفيريوس هى ثالث أقدم كنيسة فى العالم، وأن المسجد السيد هاشم مدفون فيه جد الرسول هاشم بن عبد مناف، لذلك سميت غزة هاشم بالتاريخ، وبالتالى استهداف هذه المواقع هو اعتداء على ذاكرة الكون والبشرية وليس فقط انتهاكا للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وبالتالى تقع مسئولية كبيرة على المنظمات الدولية من أجل حماية هذه الممتلكات الثقافية المادية وغير المادية”.
المواقع التراثية محمية بقوة القانون الدولى، حيث وفقا لاتفاقية لاهاى لحماية الممتلكات الثقافية فى حالة نزاع مسلح، تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة باحترام الممتلكات الثقافية الكائنة سواء فى أراضيها أو أراضى الأطراف السامية المتعاقدة الأخرى، وذلك بامتناعها عن استعمال هذه الممتلكات أو الوسائل المخصصة لحمايتها أو الأماكن المجاورة لها مباشرة لأغراض قد تعرضها للتدمير أو التلف فى حالة نزاع مسلح، وبامتناعها عن أى عمل عدائى إزائها.
وبحسب اتفاقية لاهاى، تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بالامتناع عن أية تدابير انتقامية تمس الممتلكات الثقافية، ولا يجوز لأحد الأطراف السامية المتعاقدة أن يتحلل من الالتزامات الواردة فى هذه المادة بالنسبة لطرف متعاقد آخر بحجة أن هذا الأخير لم يتخذ التدابير الوقائية المنصوص عليها فى المادة الثالثة.
منظمة إسرائيلية تعترف بتدمير الاحتلال لتراث غزة
وفى 23 يناير الماضى، اعترفت منظمة “عمق شبيه” الإسرائيلية المختصة بشؤون الآثار، أن حرب إسرائيل على غزة أدت إلى تدمير مئات المواقع الأثرية والتاريخية داخل القطاع، مؤكدة أنه لا يُسمح لدولة إسرائيل بالاستيلاء على قطعة واحدة من الآثار الموجودة فى غزة، والتى تعود ملكيتها لشعب غزة.
تقرير حقوقى: الاحتلال ينتهك اتفاقية جنيف ومعاهدة لاهاى المتعلقة بحماية الإرث الثقافى
وفى تقرير للمرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان صدر فى 22 يناير الماضى، أكد فيه أن إسرائيل تنتهك على نطاق واسع قواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى لا سيما اتفاقيات جنيف، ومعاهدة “لاهاي” الدولية المتعلقة بحماية الإرث الثقافى، من خلال شنها لهجمات عسكرية منهجية ضد الأماكن والآثار التاريخية أثناء عدوانها المتواصل منذ السابع من أكتوبر على قطاع غزة، معربا عن قلقه البالغ إزاء التقارير الواردة عن احتمال استيلاء الجيش الإسرائيلى على آلاف القطع الأثرية النادرة من قطاع غزة بما قد يرتقى إلى جريمة حرب بحسب نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح المرصد حينها، أن الجيش الإسرائيلى نشر فى 17 يناير مقطع فيديو يوثق تفجير ونسف حرم جامعة “الإسراء” الرئيسى جنوب مدينة غزة، بعد أكثر من شهرين من احتلال حرم الجامعة واستخدامه كقاعدة عسكرية لآلياته ومركزا لقنص المدنيين ومعتقل مؤقت للتحقيق، حيث أن عملية التدمير المذكورة طالت مقر المتحف الوطنى الذى أسسته جامعة الإسراء منذ سنوات، ويعد الأول من نوعه على مستوى الأراضى الفلسطينية، وقد ضم بين جنباته أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية نادرة، قالت الجامعة فى بيان صادر عنها أن قوات الجيش نهبت تلك القطع قبل نسف مبنى المتحف.
وذكر المرصد أن “إيلى أسكوزيدو” رئيس سلطة الآثار الإسرائيلية، نشر مقطع فيديو يظهر جنود الجيش الإسرائيلى فى موقع يضم مئات القطع الأثرية الفلسطينية داخل غزة من دون توضيح مصيرها، بينما فى مطلع نوفمبر الماضى تواردت إفادات للمرصد بشأن شبهات تعرض موقع “تل أم عامر” ودير القديس هيلاريون لعمليات سرقة ممنهجة من الجيش الإسرائيلى طالت كل ما يتم استخراجه من قطع أثرية فى الموقع الأثرى الذى كان يعد أحد أقدم الأديرة فى فلسطين، موضحا أن سرقة الآثار تعد من جرائم الحرب وفقًا للقانون الدولى، إذ تحظر الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية لاهاى لعام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية فى حالة النزاع المسلح المادة 4، والبروتوكول الأول الملحق بها، الاستيلاء على الآثار خلال النزاعات، كما يُعتبر الاتجار غير المشروع بالأملاك الثقافية، بما فى ذلك الآثار، جريمة بموجب اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لمنع استيراد وتصدير ونقل الملكية غير المشروع للممتلكات الثقافية، كما يُعد الاستيلاء على الآثار وتدميرها جريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، وهو ما يؤكد على حماية التراث الثقافى وعلى المسؤولية الجنائية الدولية لمنتهكى هذه القواعد.
وأوضح أن إزالة الاكتشافات الأثرية من المنطقة الخاضعة للسيطرة يشكل نهب للممتلكات الثقافية وانتهاك للقانون الدولى لحقوق الإنسان، المفصل فى اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتى تعد إسرائيل طرفا فيها، مؤكدا أن هناك مخاوف إزاء احتمال سرقة القطع الأثرية من غزة والذى يأتى فى خضم استهداف إسرائيلى ممنهج للمواقع الأثرية والتاريخية والمتاحف فى القطاع منذ بدء الهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع، ويأتى فى محاولة لمحو آثار وجود الفلسطينيين وطمس معالم تراثهم الثقافى والروحى والشعبى، وتدمير هويتهم القومية والوطنية، وقطع صلتهم التاريخية بالأرض.
وأكد المرصد، تعمد إسرائيل استهداف كل المبانى التاريخية فى قطاع غزة من بيوت وكنائس ومساجد ومقامات ومواقع أثرية بجانب استهداف المراكز والمؤسسات الثقافية والمكتبات العامة والمسارح ودور النشر والمطابع والمتاحف والميادين العامة، مما يدلل على انتهاج إسرائيل لسياسة عامة وواسعة النطاق تستهدف كل المعالم الوجود الفلسطينى الثقافى والتاريخى والدينى فى قطاع غزة، كما استهدف الجيش الإسرائيلى معالم مدن قطاع غزة، عبر قصف الميادين العامة والنصب والأصرحة التذكارية والحدائق والجداريات الفنية، واستهداف أعمال فنية والنصب التذكارية فى الميادين العامة خاصة فى مدينة غزة، كما أن حملة القصف والتدمير الإسرائيلية طالت على الأقل 10 مساجد وكنائس أثرية وتاريخية و12 متحفا و9 مواقع أثرية ونحو 200 من المبانى التاريخية القديمة تتوزع بين البيوت والقلاع والقصور، بجانب تسبب القصف الإسرائيلى لمبنى “الأرشيف المركزي” التابع لبلدية غزة، بتدمير وحريق كبير فى المبنى وإعدام آلاف الوثائق التاريخية التى يزيد عمرها عن 100 عام وتوثق مبنى المدينة ومراحل تطورها العمراني.
اتحاد المؤرخين العرب: الاحتلال يسطو على مخازن للآثار الفلسطينية
من جانبه أكد المؤرخ الفلسطينى حسام أبو النصر، ممثل فلسطين فى اتحاد المؤرخين العرب، سطو الاحتلال على مخازن للآثار الفلسطينية تعود للكنعانيين والحقب وهم اليونانية، الرومانية، والبيزنطية والإسلامية، فيها مئات الجرار الفخارية، والأوانى والأدوات الأثرية، نقلها جنود الاحتلال إلى أماكن مجهولة داخل دولة الاحتلال.
وأضاف ممثل فلسطين فى اتحاد المؤرخين العرب، أن كل ذلك يأتى فى سياق السطو على التاريخ الفلسطينى واستبداله بروايات اسرائيلية مزيفة، وتهويد الهوية الوطنية، وهو استكمال لعمليات السرقة التى تمت قبل عام 1948 وصولا لعام 1967، ونقل آثار من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى اسرائيل، ومنها حفريات دوثان، وآثار التى نهبها ديان وبقيت حتى الآن معروضة فى المتاحف الإسرائيلية إضافة للمخطوطات التى نهبت من القدس وغزة بقى منها 4000 مخطوط فى الأقصى، و170 مخطوطا فى غزة تقريبا، وكل ما سبق يتنافى مع اتفاقية جنيف ولاهاى بضرورة حماية الآثار والتراث الإنساني.
وناشد حسام أبو النصر، الجهات الدولية على رأسها اليونسكو التدخل لوقف هذه الاعتداءات الخطيرة والتى شملت تدمير أكثر من 200 موقع أثرى فى غزة بين تدمير كلى وجزئى، لتمحى بذلك حقبة زمنية كبيرة من تاريخ المدينة، إضافة إلى الاعتداءات الأخرى ضد المدنيين والصحفيين والأطباء وغيرهم لنصل إلى 25 الف شهيد غير أعداد المفقودين.
وبشأن سرقة ونهب الآثار، ينص البند الأول من البروتوكول الأول لاتفاقية لاهاى لحماية الممتلكات الثقافية على واجب الدول بمنع تصدير الممتلكات الثقافية من الأراضى المحتلة، ويُلزم البند الثالث دولة الاحتلال وكذلك الدول الأخرى، عند انتهاء العمليات العدائية، على إعادة الممتلكات الثقافية، التى جرت مصادرتها خلافًا للبند الأول، إلى أراضى التى كانت تحت الاحتلال، كما تنص عدد من الاتفاقات المتعلقة بالحرب العالمية الثانية على رد الممتلكات التى سُرقت، أو جرى الاستيلاء عليها أو مصادرتها.
تاريخ المواقع التراثية التى استهدفها الاحتلال فى غزة
من جانبه يكشف جهاد ياسين، مدير المتاحف والتنقيبات فى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، تاريخ المواقع الأثرية والتراثية التى استهدفها الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضى والذى تضمن تدمير مختبرين لترميم وصيانة المخطوطات الأثرية، أحدهما يتبع لدائرة المخطوطات بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية فى مبنى أثرى بحد ذاته، والثانى لمؤسسة عيون على التراث، المقبرة الرومانية، وهى مقبرة أثرية فى شمال غزة على أراضى بلدية جباليا، على بعد 750م من البحر، فى مكان يسمى “أرض المحاربين”، تعود إلى الحقبة الرومانية القديمة الواقعة بين القرنين الثانى والرابع بعد الميلاد، تعرضت لأضرار جسيمة بفعل العدوان.
ويضيف فى تصريحات خاصة، أن من بين المواقع التراثية التى تم تدميرها كنيسة برفيروس والتى تعود إلى الفترة البيزنطية وقد شيدت فى القرن الخامس وتعتبر من أقدم الكنائس فى العالم وقد تم تدمير اجزاء من المبانى الملحقة بالكنيسة، بجانب تدمير واسع فى مجموعة من الأحياء التاريخية فى غزة منها حى الزيتون والدرج والشجاعية، ومئذنة مسجد المحكمة فى الشجاعية وهو بناء مملوكيبُنى فى الأصل ليكون مدرسة، وذلك عام 1455م، تم استهدافه مسبقًا فى حرب سنة 2014 على غزة، وتدمير مجموعة من المتاحف منها متحف القرارة فى محافظة خان يونس، ومتحف رفح.
ويوضح مدير المتاحف والتنقيبات فى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أن الاحتلال دمر كنيسة أثرية فى جباليا، حيث تعود كنيسة جباليا إلى العصر البيزنطى حيث تم تشييدها عام 444 م زمن الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى، وتتميز بارضيات الفسيفساء والزخارف النباتية والحيوانية والاشكال الهندسية الرائعة، بجانب تدمير دير سانت هيلاريون “تل أم عامر”، والذى يعتبر من اهم المواقع الأثرية فى غزة وهو مدرج منذ عام 2012 على لائحة اليونسكو للتراث العالمى، كما تم تدمير محيط الموقع والطريق الواصل اليه بسبب العدوان الاخير للاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، وهدم الجامع العمرى فى جباليا، والذى يُعتبر المسجدُ العمرى أقدمُ وأعرقُ مسجدٍ فى شمال غزة، ويرجع انشاؤه إلى الفترة المملوكية ويعتبر من اهم المعالم التراثية فى شمال غزة، وتم تدميره بشكل كامل خلال العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، وتدمير بيت السقا وهو بيت تاريخى يعود لفترة الحكم العثمانى لفلسطين، وقد تم بناؤه عام 1661 فى عهد السلطان محمد الرابع، وتم تدميره بشكل شبه كلي.
ويذكر جهاد ياسين أن الاحتلال هدم مسجد عثمان قشقار الأثرى شرق مدينة غزة، حيث تأسس المسجد عام 620 للهجرة، ورغم صغر مساحته، فإنه من أقدم المساجد والأعيان الأثرية فى قطاع غزة، وهو موجود فى حى الزيتون شرق مدينة غزة، ومجاور للمسجد العمرى الكبير، الذى دمره الاحتلال خلال هذا العدوان، بجانب تدمير مكتبة بلدية غزة وهى أكبر مكتبة عامة فى مدينة غزة أقيمت فى مبنى قديم بعد ترميمه وتأهيله سنة 1997م، تحتوى على 25.000 كتاب تقريبًا بعدة لغات عالمية.
ويؤكد مدير المتاحف والتنقيبات فى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أن الاحتلال دمر مركز رشاد الشوا الثقافى، وهو أكبر مركز ثقافى فى قطاع غزة، يحتوى على وثائق وكتب ومخططات تاريخية، ويقوم بالعديد من الأنشطة من تعليم وتدريب ومؤتمرات ومعارض وعروض مسرحية وسينمائية، ومبنى المركز بحد ذاته تحفة معمارية أُنشئ سنة 1985م، وتم ترشيحه لجائزة آغا خان المعمارية الدولية، بجانب تدمير الأرشيف المركزى لبلدية غزة، حيث تدمير مبنى الأرشيف المركزى فى المقر الرئيسى للبلدية، وإعدام آلاف الوثائق التاريخية التى يزيد عمرها عن 100 عام، وتدمير متحف قصر الباشا الأثرى ويضم قصر آل رضوان أو قصر الباشا المملوكى الطراز يعد النموذج الوحيد المتبقى للقصور فى قطاع غزة، يقع فى حى الدرج بالطرف الشرقى من البلدة القديمة لمدينة غزة، وهو حاليًا يستخدم كمتحف رسمى لمدينة غزة يحتوى على الكثير من القطع الأثرية المهمة.
رغم إحصاء السلطات الفلسطينية تدمير الاحتلال لأكثر من 200 موقع أثرى وتراثى فى قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى، فى ظل تكثيف إسرائيل قصفها للعديد من المناطق الأثرية فى قطاع غزة، فى محاولة لمحو هوية وذاكرة الشعب الفلسطينى، وفى إطار سياسة الاحتلال لمحو ذاكرة الفلسطينيين ونهب تراثهم وتاريخهم، إلا أن هناك مواقع تراثية أخرى لم تتمكن السلطات الفلسطينية من إحصائها.
ويوضح مدير إدارة المتاحف والتنقيبات بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أنه تم رصد تدمير العديد من المواقع الأثرية الأخرى ولم يتسنَّ للوزارة بعد توثيق هذه الاعتداءات بسبب استمرار الحرب وعدم إمكانية الحركة والعمل للطواقم الفنية والأثرية، من بينها مسجد هاشم بن عبد مناف والذى يقع فى حى الدرج، حيث تعرض جدران وأسقف المسجد لأضرار بسبب القصف فى محيط المسجد، ومقام الخضر فى دير البلح، وتل المنطار الأثرى على أطراف مدينة غزة، وموقع تل السكن الأثرى فى مدينة الزهراء، والمدرسة الكاملية فى البلدة القديمة بغزة، ومسجد الظفرى دمرى فى حى الشجاعية بغزة، علمًا بأنه قد تم استهدافه مسبقًا من قوات الاحتلال فى حرب سنة 2014.
قوانين دولية تمنع الاعتداء على المواقع التراثية
من جانبه يؤكد الدكتور ضرغام فارس، مدير إدارة المواقع الأثرية الفلسطينية فى محافظات الشمال، أن استهداف الاحتلال الصهيونى للموروث الثقافى الفلسطينى هو جزء لا يتجزأ من استهداف الوجود الفلسطينى على أرض فلسطين، فالآثار هى الشاهد المادى الملموس على الحق والوجود التاريخى الفلسطينى على أرض فلسطين منذ العصور الحجرية إلى اليوم.
وأضاف مدير إدارة المواقع الأثرية الفلسطينية فى محافظات الشمال، فى تصريحات ، أن قصف وتدمير الاحتلال الصهيونى للمواقع الأثرية والتاريخية يشكل خرقا فاضحا للقانون والاتفاقيات الدولية لحماية التراث خاصة الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى لسنة 1972، واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 واتفاقية لاهاى لسنة 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح وإعلان اليونسكو العالمى لسنة 2001 حول حماية التنوع الثقافي.
ويوضح أن الولايات المتحدة تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلى ولاية أمريكية، وهى بذلك يدها الضاربة فى الشرق الاوسط والراعية لمصالحها، كما استطاع الصهاينة ترويج “إسرائيل” على أنها الضحية للنازية التى أصبحت الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط وصاحبة الجيش الذى لا يقهر والذى يخدم مصالح أمريكا وبريطانيا وفرنسا.