تفاقمت حدة الخلافات بين النمسا وتركيا مؤخرًا على خلفية اتهامات نمساوية لأنقرة بنشر مئات الجواسيس في فيينا، في قضية قد تساهم في صب مزيد من الزيت على نار الخلافات والأزمات التي ساهمت على مدى أعوام في توتر العلاقات التركية النمساوية.
وكان النائب عن حزب الخضر النمساوي، بيتر بيلز، صرح في مؤتمر صحافي، أقيم في فيينا، في 10 شباط/ فبراير الجاري، أن “200 مواطن تركي انتهت مدة خدمتهم، يقومون بأعمال تجسسية في العاصمة فيينا لصالح تركيا”.
ونفت أنقرة الاتهامات بشدة، عبر تصريح رسمي نقلته صحف محلية، يوم الثلاثاء، صادر عن الناطق باسم وزارة الخارجية التركية، حسين مفتي أوغلو، الذي اعتبر أن “ادعاءات بيلز، حول اتهام عناصر في السفارة التركية بالتجسس في النمسا، عارية عن الصحة، وتضر بالعلاقات بين البلدين”.
اتهامات سابقة
وتضاف الأزمة الأخيرة إلى سلسلة توترات سابقة شابت العلاقات التركية النمساوية؛ إذ سبق وأن وجهت فيينا اتهامات لأنقرة، نهاية العام الماضي، بالوقوف وراء هجوم الكتروني على مواقعها الرسمية، بعد أن تبنى مجموعة قراصنة الكترونيين أتراك هجومًا عبر الإنترنت على مطار فيينا في أيلول/ سبتمبر 2016.
وجاء توجيه الاتهام لأنقرة -آنذاك- على لسان وزير الخارجية النمساوي، سيباستيان كورتس، أحد أبرز منتقدي الحكومة التركية في الاتحاد الأوروبي.
فيينا أبرز معارضي انضمام تركيا للاتحاد الأوربي
وكان كورتس رحب قبيل الهجوم بقرار البرلمان الأوروبي بتعليق محادثات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
وتعد الحكومة النمساوية أبرز معارضي انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي، وتتسم مواقف الخارجية النمساوية حيال القضية، بالتشدد والحدة، على مدى أكثر من 10 أعوام.
اعتراف النمسا “بإبادة الأرمن”
وسبق أن تسبب اعتراف النمسا بـ”الإبادة الجماعية” للأرمن، شرق تركيا، إبان الحرب العالمية الأولى، على يد العثمانيين الأتراك، في إثارة غضب أنقرة، التي استدعت سفيرها لدى النمسا، حسن كوغوس، في نيسان/ أبريل 2015، احتجاجًا على الموقف النمساوي الذي يتنافى والرواية الرسمية التركية حيال أحداث شرق تركيا.
وكان البرلمان النمساوي اعترف بالإجماع بـ”إبادة الأرمن” ووقف أعضاؤه دقيقة صمت، إحياءً للذكرى المئوية لأرواح الضحايا، في سابقة هي الأولى من نوعها بتاريخ النمسا، التي كانت خلال الحرب العالمية الأولى حليفة للسلطنة العثمانية، ولم يسبق أن تم استخدام مصطلح “الإبادة” رسميًا فيها لوصف تلك الأحداث.
النمسا تستضيف مئات الآلاف من الأتراك
ويأتي عدم الاستقرار في العلاقات التركية النمساوية، رغم استضافة النمسا لأكثر من 300 ألف مواطن تركي؛ ما بين طالب وعامل، إضافة إلى نسبة كبيرة من المواطنين النمساويين ذوي الأصول التركية.
استمرار أزمة التجسس مع دول أوروبية
ولا تعد النمسا الدولة الأوربية الوحيدة التي توجه الاتهامات لتركيا بنشر الجواسيس في أراضيها، إذ سبق أن وجهت ألمانيا اتهامات مماثلة حول مزاعم تجسس دعاة أتراك في ألمانيا، خلال الأسابيع الأخيرة.
وتضم ألمانيا أكبر الجاليات التركية في العالم، كما تعد الجالية التركية أكبر الجاليات الأجنبية المقيمة في البلاد، إذ يصل تعداد أفرادها إلى نحو 3 ملايين نسمة.