أحيا تونسيون، الذكرى الرابعة لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، شكري بلعيد، متسائلين عن هوية القاتل وأسباب عدم كشف حقيقة اغتياله حتى الآن.
وكسابقاتها، لم تمر هذه الذكرى دون إعادة توجيه التهم إلى حركة النهضة، باعتبارها تقف وراء عملية الاغتيال، خاصة أنها كانت على رأس السلطة عند اغتياله في السادس من شباط/ فبراير 2013.
مسؤولية سياسية وأخلاقية
وأكد الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي، والمتحدث باسم الجبهة الشعبية (ائتلاف من أحزاب شيوعية وقومية)، حمة الهمامي، أن “سبب تأخر الإجابة على سؤال من قتل شكري، سياسي قضائي، وليس تقنيًا ولا قانونيًا”.
وأوضح الهمامي أن “الائتلاف الحاكم حاليًا، برأسيه النهضة والنداء، ليس من مصلحته كشف الحقيقة كاملة؛ فالطرف الأول يتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية عن اغتيال شكري كما في اغتيال الحاج محمد البراهمي، في انتظار ما يمكن أن تكشف عنه التحقيقات من مسؤوليات جزائية، والثاني، ما انفك يظهِر استعداده للتضحية بالحقيقة للحفاظ على تحالفه مع الطرف الأول”.
وأشار إلى أن “المسار العدلي، لقضية شكري (كما لقضية البراهمي)، يبين وجود مسعى محموم لعرقلة التحقيقات التي من شأنها أن توصلنا إلى معرفة من دبر الاغتيال ومن أمر به وخطط له وتستر عليه”.
وعبر الهمامي عن قناعته بأن “اغتيال شكري بلعيد، وكذلك اغتيال الحاج محمد البراهمي، هي جريمة دولة، وأن المسؤولية كلها، أمام الشعب وأمام التاريخ، يتحملها الائتلاف الحاكم الحالي الذي لا يتوقف عن السعي المحموم لطي صفحة الاغتيالات دون كشف الحقيقة كاملة”.
اتهام حركة النهضة
واتهمت أرملة شكري بلعيد، بسمة الخلفاوي حركة النهضة، قائلة إن الأخيرة “كانت وراء اغتياله، فيما تواصل اليوم لعب دورها في طمس الحقيقة”.
وأوضحت في تصريح إذاعي، أن “وزير الداخلية، حينها، تلقى تقارير تفيد بالتخطيط لاغتيال شكري لكنه لم يحرك ساكنًا”، مشيرة إلى “وقوع عملية تصفية لكل من حاول كشف حقيقة حركة النهضة وأدوارها في الاغتيالات السياسية وشبكات التسفير”، على حد قولها.
كما اتهمت الخلفاوي حركة النهضة بــ”التلاعب بسير التحقيقات وبالتقارير التي أجريت على غرار الاختبار البالستي الذي تم إخفاؤه”.
من جانبها، أكدت النائب مباركة عواينية، أرملة محمد البراهمي، أن “التحالف السياسي الحالي أبعد ما يكون عن كشف حقيقة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”.
واتهمت عواينية، في تصريح لوكالة “تونس أفريقيا” للأنباء “الدولة في عهد الترويكا ووزارة الداخلية آنذاك”، بالضلوع في جريمتي الاغتيال السياسي لشكري بلعيد ومحمد البراهمي، على حد سواء.
وفي بيان اطلعت عليه “إرم نيوز”، اتهمت الجبهة الشعبية رأسي السلطة، حركة النهضة ونداء تونس، قائلة: “نحمل مسؤولية الاستمرار في عرقلة كشف حقيقة الاغتيالات للائتلاف الحاكم، برأسيه النهضة والنداء”.
تجاذبات سياسية واستثمار في الإرهاب
ووسط هذه الاتهامات، تساءل القيادي في حركة النهضة رفيق عبدالسلام، أمس “عمن له مصلحة في قتل الشهيد شكري بلعيد؟”، مضيفًا: “الخصوم يتهمون حركة النهضة بأشياء كثيرة، لكن لا أظن أن أحدا يتهمها بأنها حركة غبية أو غير عاقلة”، مؤكدًا أن “المجنون فقط يقطع غصن الشجرة الذي يجلس عليه”.
وعاد ليسأل: “من الجهة المتضررة، ومن الجهة المستفيدة من اغتيال شكري بلعيد؟.. بالتأكيد ليست حركة النهضة، ولا أتصور أنها على مثل هذه الدرجة من الغباء لتقوم بعملية انتحار ذاتي”.
وأضاف “النتيجة الطبيعية التي حصلت بعد اغتيال بلعيد هي خروج حركة النهضة من الحكم لأننا وجدنا أنفسنا في معادلة صعبة، إما أن نغلب مصلحة تونس، أو أن نغلب الشرعية الانتخابية والمصالح الحزبية.. وغلبنا مصلحة تونس حتى لا تنزلق بلدانا في مسارات خطيرة انزلقت فيها بلدان أخرى وأدت إلى نتائج كارثية”.
وختم عبدالسلام تصريحه لقناة تلفزيونية محلية بالتأكيد على أن “زملاءنا ورفاقنا في الجبهة الشعبية غيروا من اتهاماتهم لحركة النهضة، فبعد أن حملوا الحركة وبعض قياداتها المسؤولية المباشرة لعمليات الاغتيال، أصبحوا يتحدثون عن المسؤولية السياسية والأخلاقية في ظل غياب الأدلة الصلبة.. وللأسف مثلما نعاني من الإرهاب، نحن نعاني من الاستثمار في الإرهاب”.