دأب تنظيم “داعش”منذ نشأته على استقطاب العنصر النسائي في صفوفه، وكلفهن بمهام قتالية وأسندت لبعضهن مناصب عليا في هرم القيادة، لكن تبقى الحياة في “البيت الداعشي” تثير فضول الجميع.
اخترن “الداعشيات” الظلام بدلا عن عيش حياة طبيعية كغيرهن من الفتيات، وسلكن طرق الموت، أو ما يسمى في منظورهن بـ”حياة الجهاد”، ولازلن يتشبثن بحياة جبلن على عيشها.
هن 3 فتيات تونسيات انضممن إلى معسكرات “داعش” في ليبيا، وانقلب مسار حياتهن بعد أن أصابت ضربة جوية أمريكية في 19 فبراير/شباط، وقتلت عشرات المتشددين، على خلفية الكشف عن خلية إرهابية تنشط بالقرب من الحدود التونسية.
بعد هذه الضربة، انقلبت حياة الشابات التونسيات الثلاث، فبعد أن كن متزوجات من متشددين قتلوا في الضربة أو بعدها، ها هن يقبعن اليوم محتجزات مع أطفالهن بسجن في طرابلس.
وفي مقابلة نادرة نشرتها وكالة “رويترز” مع الشابات تحدثن فيها عن حياتهن السابقة لدى التنظيم، وكشفن عن مخططات كانت تدبر لتنفيذ هجمات على تونس.
حياة طبيعية.. وصالونات تجميل
رحمة الشيخاوي (17 عاما) زوجة نور الدين شوشان أبرز القياديين التونسيين في داعش بليبيا، تتحدث عن حياتها العادية السابقة في مدينة مصراته، والعيش في كنف الرفاهية حيث يمارسن حياتهن بشكل طبيعي، بل ويذهبن لصالونات التجميل.
تضيف رحمة التونسية أن رجال التنظيم كانوا يستعدون للتوجه إلى سرت معقل التنظيم في ليبيا أو الانتقال إلى سوريا، كما أنهم كانوا يعدون مخططات لعمليات تستهدف تونس.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون ونظرائهم التونسيون أن نور الدين شوشان زوج رحمة، لعب دورا مهما في الإعداد لهجومين كبيرين استهدفا سياحا في تونس العام الماضي، أولهما الهجوم على متحف باردو في العاصمة والثاني الاعتداء الدامي على منتجع سوسة في نفس العام 2015.
وعلى الرغم من أنه كان على رأس المطلوبين، تؤكد زوجة شوشان أن السلطات لم تأت إلى صبراتة أبدا للبحث عنهم، رغم أن الجميع كان يعرف مكان وجودهم، لكن الأمر تغير بعد الضربة الأمريكية.
تفكك داخلي
بحسب أقوال غفران الشيخاوي شقيقة رحمة (18 عاما) فإن كل مجموعة يقودها أمير يعمل وفق استراتيجيته الخاصة، فالبعض كان يعد جوازات سفر خاصة بسوريا، والبعض الآخر كان يتكفل بملف الهجمات على تونس، وآخرون مختصون بأمر ليبيا.
وتشير غفران أن جميع قياديي التنظيم في صبراتة كانوا يستعينون بمشورة البغدادي، وهو بدوره كان يحثهم على تقديم الطاعة والولاء إلى أمير داعش في سرت، بيد أنهم كانوا يعصون هذا الطلب ويتخذون جميع القرارات بشكل أحادي وفردي.
والغريب في أقوال الشابات، أنهن لم يبدين ندما على خوضهن هذه التجربة مع أبشع تنظيم عرفه العالم، بل جميعهن يرفضن العودة إلى تونس، وذلك لعدم رغبتهن بالعودة إلى حياة الفقر التي طوقت حياتهن لسنوات، مبدين رفضهن العودة إلى مواجهة الاضطهاد بسبب نهجهن المتشدد.
على الرغم من صغر سنهن، إلا أنهن عانقن الموت بأبشع صوره وتركن مقاعد الدراسة مبكرا، واعتنقن أفكارا متشددة، نسفت حياة ذويهم، واخترن الطاعة والولاء “للبيت الداعشي” بدل العطاء والفداء للوطن.