العيش الملدن من أكثر أنواع العيش البلدى الذى يعرفه أهل محافظة الشرقية،
وتحرص السيدات فى القرى على خبزه فى الفرن البلدى، كخبز أساسى يتعمدون عليه
فى تناول الوجبات يوميا.
انتقل إلى قرية الزواية الحمرا التابعة لمركز فاقوس، لمشاركة
عدد من السيدات وهن يقمن بخبز العيش الملدن لمعرفة أسرار الصنعة، وهن
نموذج بسيط من الريفيات اللاتى تعتمدن على الفرن البلدى فى رزقهن.
تقول الحاجة أم أحمد سيدة الخمسينية، إنها تقضى يومها على مدار أكثر من
ربع قرن أمام الفرن البلدى تخبز العيش الملدن والمرحرح والمفروكة وغيرها من
أنواع العيش المعروف لدى أهل الشرقية، مضيفة أن العيش الملدن هو أكثر
أنواع العيش الذى تحرص عليه الأسر الشرقاوية، فهو مزيج بين الدقيق الذرة
والدقيق البلدى، وأنه لابد أن يتم رحرحة العجين على المطرحة الخشبية لفرد
وتوسعة الرغيف الذى يسع قطره قرابة 80 سم، مضيفة أنها تشترى الغلة من ذرة
أو قمح بالكميات التى تكيفيهم لفترة وتتولى الطحن شبه يوميا.
وأشارت إلى أن يومها يبدأ فى منتصف الليل، وتقوم بإعداد الدقيق وتخمير
العجين، ثم تتواجد بعد صلاة الفجر، أمام الفرن البلدى وتقوم بإشعال الفرن
وتكون النار حامية لسرعة التسوية، ويليها رفع العيش على الطبلية العلوية
لتنشيف الرغيف، والعيش يتم تنشيفه على الفرن مما يجعله يصلح للأكل لفترة
طويلة، كما يخزن بالفريزر لعدة شهور .
وأكدت: “أننا نخبز يوميا العيش دون النظر للحرارة أو أى عوامل للطقس،
لافتة إلى أن واحدة تتولى الوقود بوضع الحطب والثانية تقوم بالعجن، وتكبير
حجم الرغيف، مضيفة أن العيش المدعم يتركونه لغيرهم من الاهالى الذى لا
يستطيعون الخبز فهم الأولى، ويستخدمون نقاط العيش فى البطاقة التموينية
لتوفير السلع، فهم يتعمدون على العيش الملدن فى كل الوجبات فمذاقه جيد
ومصنوع على أيدى متأكدة من نظافته وجودته”.
وتابعت أن العيش يناسب كل أنواع الأطعمة، ولكن له مذاق خاص مع الجبن القديمة والخضرة، وهى الوجبة الأساسية للأسر الريفية .
واسترجعت ذكرياتها، بأنها تعلمت الخبز منذ كانت فتاة شابة، وأنها منذ
الوهلة الأولى وتعلمت الصنعة، الأمر الذى لاقى استسحان الأهل، وبدورهم
شجعونى كثيرا، مشيرة إلى أن جيل الفتيات الحديث لا يرغب فى التواجد أمام
الفرن والتعرض للحرارة، ويفضلن شراء العيش المدعم من الخبز، مشيرة إلى أنها
أيضا تخبز الرقاق فى أيام العيد أو المناسبات، وفى الشتاء تخبز المفروكة
وهى إحدى الأكلات الرئيسية لدى أهل الشرقية، وهى تغمس فى اللبن وتحلى
بالعسل أو السكر .
وأكدت أم محمد أن مهمتها هى تحمية الفرن واستخدام الوقيد والذى يكون فى
العادة قشر عصير القصب، أو التبن وبواقى الخشب وغيرها، مشيرة إلى أنها
تتغلب على حرارة الفرن بالغناء، وتقوم بترديد الأغانى الشعيبة مثل “سلمى
ياسلامة”، وأغنية أخرى “سلمولى عليه، وأن قابلكم حبيبى سلمولى عليه” وغيرها
من الأغانى ، ” يا حلو صبح يا حلو طل”.