التفت أسر الشهداء حول التليفزيون مثلها مثل باقي جموع الشعب المصرى
لمشاهدة مسلسل الاختيار 2 ، الذى وثق عنف الإرهاب وصمود وتضحيات رجال
الشرطة الأبرار، الذين قدموا أرواحهم من أجل هذا الوطن.
وفي هذا الصدد، قالت “سحر يوسف” زوجة الشهيد اللواء مصطفى الخطيب :” شكرًا
للقائمين على هذا المسلسل الذي وثق بطولات شهدائنا الأبرار، حيث استعادت
الذكريات وكأنها اليوم”.
وبدموع وكلمات تخرج بصعوبة، قالت زوجة البطل: “مصر كلها عاشت اليوم أجواء
ملحمة بطولية لشهدائنا الأبرار، مؤكدة أن دموعها لم تتوقف طوال عرض
المسلسل”.
وحول قصتها مع الشهيد، تقول زوجة البطل: “تزوجت من “الخطيب” فى 1986، حيث
كان يحمل رتبة “نقيب”، وكان يعمل فى الأمن العام بمديرية أمن الجيزة لمدة
سنتين، ومنها انتقل لأسيوط خلال أحداث الإرهاب، حيث واجه المتطرفين برفقة
زملائه لمدة 3 سنوات، ثم انتقل لمباحث السياحة والآثار لمدة 17 سنة، وفى
عام 2011 كان مأموراً لمركز شرطة أبو النمرس، وبعدها نقل مأموراً لمركز
شرطة كرداسة، حيث كان يدير عمله من القرية الذكية، وقتها بسبب حرق القسم،
وخلال هذه الفترة نجح زوجى فى تقريب وجهات النظر بين الأهالى والشرطة، حيث
كان يعقد الاجتماعات بالأهالى فى كرداسة، ويصلى بهم فى المسجد القريب من
المركز، حتى تم إعادة افتتاح المركز وعاد الهدوء للمنطقة مرة أخرى.”
وأضافت الزوجة فى حديثها، أنه بالرغم من حصوله على ترقية كمساعد مدير أمن
الجيزة لمنطقة الشمال، إلا أنه ظل متعلقا بكرداسة، فقد كان يفضل البقاء فى
القسم والمرور عليه من حين لأخر، حيث كان يقع فى نطاق عمله ضمن عدة أقسام
أخرى.
تمسك زوجة الشهيد بشهادة تقدير حصل عليها زوجها قبل استشهاده من جميعة
بكرداسة تؤكد مدى ارتباطهم به، ثم تقول: “كانت علاقة زوجى بأهالى كرداسة
أكثر من جيدة، حيث كان يحل مشاكلهم، ويجلس معهم ويتحدث لهم، ويكرموه فى
حفلاتهم، ولم يتخيل يوماً أن تغدر به أيادى الإرهاب بالمنطقة فى لحظة من
اللحظات.”
وتحبس الزوجة دموعها، وتقول: “كانت الأجواء ملتهبة بسبب فض اعتصام رابعة
والنهضة، ويومها قرر زوجى الذهاب صباحاً لمركز كرداسة، حيث أكد لى أن هناك
تجمهرات وأنه سوف يتحدث مع الأهالى، خاصة أنه مقبول لدى الجميع وقادر على
احتواء الأمر، وشعرت وقتها بشىء غريب، فقد كان وجهه مشرق وبشوش، ولم أدرى
أنه سيكون المشهد الأخير الذى يجمعنا، تحدثت معه فى العاشرة صباحاً
تليفونياً، وعرفت أنه يوجد تجمهر من المواطنين أمام المركز، لكن اللافت
للانتباه، أن المتجمهرين قدموا الأطفال والنساء فى الصفوف الأولى، بعدها فى
الحادية عشر صباحاً، تحدثت معه مرة أخرى، فقال لى: “فيه اشتباك اقفلى”،
بعدها تحدثت معه الحديث الأخير، حيث قال لى: “اقفلي ..اقفلي دلوقتي”، وكانت
هذه الكلمات أخر ما سمعته منه.
وتقول الزوجة، تسلل الخوف لقلبى، خاصة أن هاتفه بات مغلقاً، فاتصلت على
هاتف شرطى كان يعمل معه، فرد على شخص غريب وقال لى: “انتي عايزه مين؟”،
فقلت له: “فلان الفلانى العسكرى اللى مع مصطفى الخطيب”، فرد على: “قتلناهم
كلهم”، فانقبض قلبى، وحاولت التواصل مع الضباط بالمركز دون فائدة، حتى اتصل
بى شقيقى الذى كان يحمل رتبة لواء فى الداخلية، وقال لى بصوت حزين”البقاء
لله“.
وعن غدر الإرهاب، تقول الزوجة، أن الإرهابيين المتجمهرين أمام المركز
وقتها، طلبوا من رجال الشرطة بخروج زوجى للحديث معهم، وبالفعل قرر الذهاب
إليهم ولا يدرى بخيانتهم، حيث استدرجوه للمسجد القريب من مبنى المركز، وما
أن دخل حتى أطلقوا عليه رصاصتين من الخلف، ليلقى ربه داخل المسجد، كما تعود
على الذهاب إليه للصلاة فيه.”
التقطت المهندسة “ناريمان”، ابنة الشهيد أطراف الحديث من والدتها، قائلة:
“الحياة بدون والدي صعبة، فقد كان كل شيىء بالنسبة لي ولشقيقتي نورهان التي
تخرجت من كلية الطب بعد استشهاده، وتزوجنا وكانت أمنيتنا أن يحضر زفافنا،
وأنجبنا وكان حلمي أن يرى أحفاده، فقد أطلقت على ابني اسم “مصطفى” تخليدًا
لاسمه، وأصبح لديه من الأحفاد “فريدة فيروز فرح”، بالإضافة لـ”مصطفى”،
سنحكي لهم يومًا عن بطولاته عندما يستوعبوا ذلك، ولن أمانع ابني حال رغبتها
في الالتحاق بكلية الشرطة استكمالًا لمسيرة جده.
“هتعيشى وتموتى سجينة، أى نعم ولادك هايزوروكى،
لكن عمرك ما هتكونى حرة طليقة، وإذا كنتى نفدتى من حكم الإعدام، حكم ربنا
مستنيكى، لأن ربنا أقوى من الكل، كانت هذه الرسالة التي وجهتها زوجة الشهيد
عامر عبد المقصود ـ في وقت سابق ـ للإرهابية سامية شنن صاحبة واقعة كرداسة.
وتعد سامية شنن، المتورطة فى أحداث اقتحام قسم شرطة كرداسة وقتل ضباطه،
أحد أبرز الأمثلة على تورط قسم الأخوات فى تنفيذ العمليات الإرهابية، حيث
تعد شنن المرأة الوحيدة المتهمة فى قضية مذبحة كرداسة، بعد أن أظهر مقطع
فيديو وقت وقوع الحادث فى أغسطس عام 2013، تورطها فى الاشتراك مع بقية
المتهمين فى قتل وذبح مأمور قسم شرطة كرداسة ونائبه وآخرين.
وأوضح الفيديو تورطها فى التمثيل بجثث الضباط بعد ذبحهم وخلع ملابسهم داخل
القسم فى مشهد دموى إرهابى، ونجحت أجهزة الأمن فى القبض عليها فى سبتمبر
من 2013، وفى فبراير 2015 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بمعاقبتها
بالإعدام شنقا مع ما يقرب من 182 آخرين، إلا أنها تمكنت من الإفلات من حكم
الإعدام، بعد أن قبلت محكمة النقض الطعن المقدم وقضت بإعادة محاكمتها، ليتم
تخفيف الحكم للمؤبد.